به إلى ما انْتَهى إليه في ترجيح ما رجحه واختيار ما اختاره، ويعرضُ البحث فيما يلي بعضاً من المسائل التي تناولها ابن أبي الربيع في هذا السفر من تفسيره.
أولاً: الخلاف في مُتَعلّق الجار والمجرور:
اسْتهلّ ابن أبي الربيع تفسير الكتاب العزيز وإعرابه بذكر الخلاف في متعلَّقِ الجار والمجرور بين البصريين والكوفيين في "بِسْمِ " ثُمَّ أورد قَوْلاً ثالثاً في المسألة نسبة لبعض المتأخرين ظاهر الموطأة لمذهب الكوفيين، وقد أبدى ابن أبي الربيع على كِلّ قولٍ من الأقوال الثلاثة مأخذاً لكنَّهُ مال إلى ما ذهب إليه البصريون، وَوَهَّن ما ذهبَ إليه الكوفيون، وردّ قول بعض المتأخرين ووجّه ردّه لذلك القول بما أسعفه به فقهه للمسألة ودقّة فهمه، ومِمَّا قاله في المسألة:
(ذهبَ البَصرِيُّون إلى أنَّه في تقدير: ابْتدائي بِسْمِ اللَّهِ، فبسم اللَّهِ عِندَهُم خَبَرْ مُبْتَدَأٍ مَحذُوفٍ.
وذهب الكُوفِيُّونَ إلى أنَّه في تَقْدِيْر: أُبْدَأً بِسم اللَّهِ (1) .
والفعلُ الّذي لا يَصِلُ إلاَّ بِحرْفِ الجرّ يَضْعُفُ حَذْفهُ، وقَدْ جاءَ لكنّهُ قليلٌ.
وجاء بعضُ المَتأَخِّرِينَ وذَهَبَ إلى أنه يَجُوزُ أن يكونَ المجرور مُتعلِّقاً بفعلٍ تَدُلُّ عليهِ الحال، تَقْدِيرُهُ: أقرأ بهذا، وأكتب بهذا، على معنى مُسْتعيناً. ويُحذَفُ الفعل لِدلاَلَةِ الحالَ عَليهِ.
وهذا لا يصح لأن الحال لا تدل على الفعل حتى يصل بنفسه لا تقول: بزيد، تريد، مرّ بزيد وإن كان معك من الحال ما يدل على ذلك تقول لمن شال سوطا أو أشهر سيفاً: زيداً، على معنى: اضرب زيدا، فالحال لا تدل على الفعل حتى يكون الفعل يصل بنفسه، ولا يتصرفون في الضعيف تصرفهم في القوى من الإضمار والإظهار، إلا