تضعيفُ القراءةِ الشَّاذًةِ أو تخريجها على وجه الاتساع
وتارةً يُورِدُ القراءةَ الشّاذة ويخرجها على مقتضى الصنعة الإعرابية ليظهر وجه الضعف فيها، من ذلك ما أورده في توجيه قراءة الرفعِ لكلمة (بَعُوضَةً) من قوله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يستحي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضةً فَمَا فَوْقَهَا) قال توجيه رفع (بَعُوضة) :
(.. لم يَقْرَأُ السبعة إلاّ بنصب "بَعُوضةً"، وَقرِىء في غير السّبع بالرّفع ولَيْسَ بالقويّ، لأنَّ (ما) هنا بمعنى الّذي وَصِلَتُها "بعوضة " ولابدَّ مِن ضميرٍ محذوف تقديره: الّذي هُوَ بعوضة، وهذا الضّمير يَقِلُّ حذفُهُ، وإنّما هُوَ في الأفْصَح ظاهرِّ كما قال تعالى: (وَرَاوَدتْهُ الَّتِى هُوَ فِي بَيْتِهَا) 1.
وكذا وجه الرفع في كلمة (أحَسّنُ) من قوله تعالى: (تَمَاماً عَلَى الذي أَحْسَنَ) 2.
ومِمّا قال هنا: ".. قرىء في الشاذ بالرفع وهو على تقدير: الّذي هو أحسنُ، وحذف الضمير العائد من الصّلة إلى الموصول إذ كان مُبتدأً ضعيفٌ إلا في أَيِّ، وقد حَسُنَ بعض حُسْنٍ إذا طال الكلام. (121) .
وقال عن توجيه قراءتي الرفع والنصب في كلمة (مُصَدِّقٌ) من الآية الكريمة:
(ولمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ منْ عِندِ الله مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ) 3.
(.. لم يقرأ (مُصَدِّقٌ) في السبع إلاّ بالرفع، وهو صفة للكتاب، وقُرىءَ في غير السبع (مصدقاً) بالنّصب، وهُو عِندي حالٌ من الضمير الّذي في (من عندِ اللَّهِ) ، لأنه نائب مناب مُسْتَقِرٌّ، فيكون المعنى: وَلمَّا جاءَهُم اسْتقر من عند الله في حال أنه مصدق بالتوراة؛ أيْ موافقاً لما في التَّوْراة. (233) .