"لتجدن أشد الناس عداوة ..
" الآيات فأكثر آيات هذه السورة إنما نزلت فيهم تعريفا بمرتكباتهم وتحريفهم ونقضهم الميثاق وحكمهم بغير ما أنزل الله وفى أثناء ذلك تسلية نبينا صلى الله عليه وسلم عنهم كقوله تعالى: "يأيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون فى الكفر .. "الآية
وقوله تعالى: "ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا "، وقوله تعالى: "فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم " وقوله بعد الآية المتكلم فيها: "ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة " وقوله: "فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم " وفيما قبل هذا: "إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا
... "الآيات، ولم يقع فى هذه الآى ذكر لغير بنى إسرائيل ومن كان فيهم من الأنبياء من بعد موسى عليه السلام إلى قوله تعالى: "ثم قفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم " ولا توقف فى تعقيب الرسل والأنبياء بعيسى عليه السلام فلهذا لم يقع هنا ذكر واسطة.
وأما آية الحديد فمقصدها غير هذا إذ هى وما اتصل بها قبلها وبعدها خطاب للؤمنين وعظات وترغيب وتمثيل وتحذير أن يكونوا كمن عرفوا به ممن طال عليه الأمد وقسا قلبه فلهذا وما يتلوه إلى أول قوله تعالى: "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله " إلى آخر السورة خطاب للمؤمنين فيما لهم وعليهم وما وعدوا به وحذروا منه وكذا سورة الحديد بجملتها وهم المعرفون بقوله: "لقد أرسلنا رسلنا بالبينات "، فالمراد عامة الرسل عليهم السلام ممن كان من بنى إسرائيل وقبلهم تعريفا بما أنعم سبحانه على العباد من رحمتهم بإرسال الرسل ونص من جميعهم على نوح وابراهيم إعلاما بحالهما فى الرسل كما قيل: "وجبريل وميكائيل " بعد دخولهم تحت قوله: "وملائكته " وشمول لفظ الملائكة لهم ولغيرهم.
ثم قال تعالى: "ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم " وذكر ما جعل فى ذريتهما من النبوة والكتاب، اتبع تعالى بتوالى الإنعام بمن بعدهم فقال: "ثم قفينا على آثارهم برسلنا " إشارة إلى من كان بعد نوح وابراهيم وبينهم وبين عيسى وذلك كثير ثم قال: "وقفينا بعيسى " وهذا مقصد مباين ما قصد بآية المائدة فاختلف ما ورد فى الموضعين لاختلاف المقصد فيهما ولم يكن عكس الوارد ليناسب والله أعلم بما أراد.
الآية الرابعة عشرة:
قوله تعالى: "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم