ناسب ذلك أن يذكروا فى الجواب حتى يكون فى قوة أن لو قيل: بعث إليهم وخوطبوا فقالوا ولم يكن ليناسب "بعث إليهم " فقال: فرعون.
ولما تقدم فى سورة الشعراء قوله: "فأتيا فرعون " ثم جرى ما بعد المحاورة ومراجعة الكلام بين موسى عليه السلام، وفرعون ولم يقع الملأ هنا ناسب ذلك قوله "قال فرعون " لأنه الذى راجع وخوطب فجاء كل على ما يناسب.
فإن قيل: فقد قيل فى الأعراف: "إلى فرعون وملئه " فقد فرعون فهو أعمد من الملأ لأنهم أتباعه وآله فلم لم يبن الجواب على ذلك فيقال "قال فرعون " فالجواب أنه لو قيل: قال فرعون لبقى التشوف إلى تعريفهم قول الملأ وهم قد بعث إليهم وخوطبوا ولابد من تعرف جوابهم وبه يحصل تعرف جوابه هو لأنه اله وتابعوه إنما يتكلمون غالبا بما يريد ويصدر عنه ويبدأ به وقد تبين ذلك فى سورة الشعراء وان فرعون خاطبهم وذلك فى قوله تعالى: " قال للملإ حوله " فجاوبوا فحصل من جوابهم جوابه ولو جاوب هو وسكت ملؤه لأمكن أن يكونوا قد استوضحوا الحق وخالفوا فرعون كما جرى للسحرة وقد كانوا ناصرين لفرعون ومن معه فجاء جواب الملأ منصوصا وحصل منه جواب متبوعهم ولم يكن ليحصل من جوابه على انفراده وحصلت مناسبة ما تقدم من قوله: "إلى فرعون وملئه ".
فإن قلت ورد فى الشعراء جواب فرعون دون جواب ملئه؟.
فالجواب: أنه قد جاوبوا بعد وذلك أنه لما خاطب فرعون ملأه الأقربين وألقى إليهم ما اعتقده بضلاله فى أمر بنى الله موسى عليه السلام، واستشارتهم بقوله: "فماذا تامرون "وجاوبوه بموافقته العائدة على جميعهم بالخسران المبين بين ذلك قوله تعالى مخبرا عنهم: "قال للملإ حوله " وهذا يوضح أن جوابهم فى الأعراف مبنى على استطلاع ما عنده وسماع ذلك منه كما وضح منه كما وضح هنا، ثم روعى تناسب النظم والتقابل كما تقدم.
فقد تبين أن الوارد فى سورة الأعراف ليناسب ما تقدم فى سورة الشعراء بوجه: "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ".
والجواب عن السؤال الثانى: أن زيادة "بسحره " فى الشعراء لأنه من قول فرعون طاغية موسى عليه السلام وهو أحنق عليه من الملأ بجمعهم وأعظمهم بغضا له وكراهة لما جاء به موسى فأكد بقوله "بسحره " طمعا فى صغوهم لقوله والثبات على