وارساء الأرض بالجبال وذكر ما بث فيها من الدواب وانزال الماء من السماء وذكر ما أنبت سبحانه به من كل زوج بهيج فقال تعالى: "هذا خلق الله فأرونى ماذا خلق الذين من دونه " ولا نجد مثل هذا حيث تراد المبالغة فى توبيخ من عبد اله غيره.
ويجارى هذا فى هذا القصد الا أنه أرفق فى التعنيف قوله تعالى فى سورة يونس: "قل هل من شراكائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده ..
"الآيات الا انها ليست كآية لقمان ولا ختمت بمثل ما ختمت به وقد تكرر هذا فى آيات وآية لقمان من أشدها وعيدا ولعظيم ما انطوت عليها اتبعها تعالى بتأنيس نبيه صلى الله عليه وسلم بعد قصة لقمان بقوله: "ومن كفر فلا يحزنك كفره " وبإخباره انهم لو سئلوا من خلق السماوات والأرض لم يجدوا مصرفا غير الاعتراف فقال تعالى: "ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله " ليعلم عليه السلام أن ذلك من حالهم جار عليهم بقدر الله وما سبق فى علمه وهو الحكيم فى أفعاله.
ومن التنبيه للمؤمنين ولغيرهم - ممن سبقت له السعادة - قوله مخاطبة لنبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين: "ألم تروا أن الله سخر لكم ما فى السماوات وما فى الأرض وأسبغ عليكم عمه ظاهرة وباطنة " وقوله تعالى: "ألم تر أن الله يولج الليل فى النهار.
... " الآية وقوله تعالى: "ألم تر أن الفلك تجرى فى البحر
... " الآية فورد هذا التنبيه بهمزة التقرير ولم الجازمة وهى الأداة المتكررة فى آى التنبيه فتكررت فى هذه السورة فى ثلاث آيات ولم تقع متكررة فى شئ مما أتى بعدها من السور إلى آخر القرآن ولا فى سورة مما قبلها مما يماثلها فى عدد كلمها ولا فيما هو على الضعف منها الا فى سورة فاطر وهى أطول من سورة لقمان فتناسب ذلك مع ما فى هذه السورة من التنبيه فى مطلعها بوقوع الميم مكان الراء الواردة فى مطلع سورة يونس.
وأما سورة يونس فمبنية على التعريف بربوبيته تعالى وقصره وقد ابتدأت ثالثة آيها بقوله تعالى: "إن ربكم الله الذى خلق السماوات والأرض فى ستة أيام " ثم تكرر فيها اسمه الرب سبحانه فى بضعة عشر موضعا أولها هذا وآخرها قوله تعالى: " قل يأيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم " ولم يرد من هذا فى سورة لقمان غير قوله تعالى: "يأيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزى والد عن ولده
... " الآية ثم إنه تكرر فى سورة يونس من الكلم الواقع فيها الراء مائتا