مرتكباتهم ولم يقع بعده ذكر علة منوطة بجزاء ما وقع منهم وإذا تأملت آية الأعراف وجدتها جارية على منهج ما ورد فى سورة البقرة
وان أول وصفهم المبنى جزاء على مرتكباتهم قولع: "فأرسلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا يظلمون " ثم قال تعالى: "واسألهم عن القرية التى كانت حاضرة البحر " إلى قوله تعالى: "كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون " فطابق هذا ما ورد فى البقرة من تقدم وصفهم أولا بالظلم ثم بعد ذلك بالفسق ووضح الاتفاق فى ختام القصة فى السورتين من غير اختلاف فيهما.
الآية الثالثة عشرة من البقرة:
قوله تعالى: "فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا " وفى الأعراف: "فابجست " مع ان المعنى واحد فمعنى الانبجاس الانفجار يسأل عن وجه اختصاص كل من الموضعين بما ورد فيه.
والجواب والله أعلم ان الفعلين وان اجتمعا فى المعنى فليسا على حد سواء بل الانبجاس ابتداء الانفجار والانفجار بعدة غاية له قال القرطبى: "الانحباس أول الانفجار "، وقال ابن عطيه: "انبجست انفجرت لكنه أخف من الانفجار " وإذا تقرر هذا فأقول أن الواقع فى الأعراف طلب بنى إسرائيل من موسى عليه السلان السقيا قال تعالى: "وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه " والوارد فى سورة البقرة طلب موسى عليه السلام من ربه قال تعالى: "واذ استسقى موسى لقومه " فطلبهم ابتداء فناسبه الابتداء وطلب موسى عليه السلام غاية لطلبهم لأنه واقع بعده ومرتب عليه فناسب الابتداء الابتداء والغاية الغاية، فقيل جوابا لطلبهم: "فانبجست " وقيل اجاية لطلبه: "فانفجرت " وتناسب ذلك وجاء على ما يجب ولم يكن ليناسب العكس. والله أعلم.
الآية الرابعة عشرة من سورة البقرة:
قوله تعالى: "وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله " وفى
سورة آل عمران: "ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباؤوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة " فأخر فى سورة آل عمران ما قدم ذكره فى سورة البقرة فيسأل عن ذلك ووجهه والله أعلم أنهم لما سألوا فى البقرة عن مأكلهم ما فيه خسة وما يستلزم الذلة والصغار والمهنة فى التوصل إلى الانتفاع به وذلك ما طلبوه فى قولهم: "فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الارض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها " عوضا مما لا تكلف فيه ولا مشقة من المن والسلوى الذى كان ينزل عليهم عند الحاجة بغير