رعي لفظه في عودة ضمير أو تفسير أولى، ثم قد يراعى المعنى لد فيعود الضمير بحسبه من تثنية أو جمع، ومن هذا قوله تعالى: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) (الطلاق: 11)، فقوله: (يؤمن) (ويعمل) (وندخله) رعي للفظ (من) وهو مفرد فعاد الضمير إليه مفرداً، (وقوله بعد: (خالدين) ورجوعإلى المعنى، ويقل رعي المعنى بديهاً في هذه الألفاظ التي هي مفردات) تتها كثرة، ومنه بين الكتاب.
تعال فإن عاهدتني لا تخونني نكن مثل من ياذيب يصطحبان
فقال: يصطحبان، فأعاد على معنى من، والإعادة إلى اللفظ أكثر، وعليه قيل في الآية الأولى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً) بالإفراد على الأولى والأكثر مع جواز وروده عائداً على المعنى إن اعتضد ذلك.
أما الآية الثانية فجمع آيات فيها لا يمكن خلافه، فورد كل على ما يجب، ويمتنع العكس لما ذكر. فإن قيل: (إن) قوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ
... )، استئناف باللام التي تقع جواباً للقسم، فقد يقال إنها تقطع ما بعدها عما قبلها. وإذا أمكن هذا فما المانع من رجوع اسم الإشارة إلى ما بعد قوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ
... ) (سبأ: 15) وتلك قصة مفردة فكان يكون الواردهنا أي الآية على الإفراد رعياً لمعنى القصة؟
فالجواب أنّا لو فرضنا هذا الاعتراض لازماً لقلنا: إن قصة سبأ قد انطوت على تفصيل يقتضي جمع آيات، إلا أن الاعتراض أولاً غير لازم (إذ) قد يشار إلى مجموع قصص تفصلت ودخل كل قصة في أولها هذه اللام، فلم يمنع ذلط من عودة اسم الإشارة إلى الجميع كقوله تعالى: (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ) (القمر: 43)، والإشارة بأولئكم إلى كل من تقدم ذكره من أول قصة نوح، عليه السلام، إلى قصة آل فرعون، وقد ابتدئت كل قصة منها (بلقد)، ثم أشير (بعد) إلى الجميع ليعتبر بأحوالهم، فكذلك في الىية التي نحن فيها، فسقط الاعتراض، وتبين أن لك (آية) واردة على أوضح التناسب، والله أعلم.
سورة الملائكة: قد تقدم ما فيها، وكذلك سورة يس.
*****