الرسول لم يقع موقع أنزل عليه وان كان كل منهما جائزا إلا أنا إذا اخذنا الكلام على أن لا تضمين ولا تقدير فإنما نقول: أنزل على الرسول وأنزل المؤمنين مع فصاحة أنزل إلى الرسول ووروده فى القرآن فلما قال فى سورة البقرة "قولوا " وأمر الجميع ناسبه الينا كما ورد فى قوله تعالى "وقولوا آمنا بالذى أنزل الينا وأنزل عليكم " حين خوطب الجميع ولما قال فى آل عمران "قل " وكان الخطاب للرسول ناسبه: علينا لأنه أنزل عليه فجاء كل على ما يجب.
والجواب عن السؤال الثالث: أى زيادة قوله فى البقرة "وما أوتى النبيون من ربهم " وسقوط ذلك فى السورة الأخرى ووجه ذلك أن الأمر فى البقرة لما كان للرسل وللمؤمنين ناسبه تأكيد ذكر الانزال على النبين لأن المؤمنين لا يفرقون بين أحد منهم وقد فرق غيرهم فناسب حالهم وسجل إيمانهم بالجميع تأكيد مقالهم وتثبيت اعتقادهم فقالوا "وما أوتى النبيون من ربهم " ولما كان توجه الأمر فى السورة الأخرى ببادى الخطاب من قوله "قل " خاصا به وبعد ذلك زقع التعميم ناسبه عدم التأكيد لتنزه الرسول عليه السلام حالا ومقاما عن التفريق بين أحد من الرسل.
الآية السادسة والعشرون: قوله تعالى: "قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره "، وقال بعد: "ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وانه للحق من ربك وما الله بغفل عما تعملون ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجهك شطره " للسائل أن يسأل عن الوجه فى ما تكرر فى هذه الآيات من الأمر يالتولى وهل ذلك لحامل من المعنى أم لا؟
والجواب عن ذلك والله أعلم: إن كل قضية تكليفية إذا كانت مما يتأكد فانها ترد ملحوظة الجهات منبها على ما يحرز مطلوبها على الكمال مدفوعا عنها وان ضعفت طوارق الاحتمال اعتناء منه سبحانه بهذه الأمة لتحصيل سلامتها من الأمر المحمول على من قبلها.
ألا ترى أن بنى إسرائيل إنما لحقهم الامتحان فى أمر البقرة من جهة الاكلاق فى قوله تعالى: "إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة " فورد الأمر مطلقا مع ما جبلت عليه نفوسهم من التثاقل فى تلقى الطاعات من المأمورات فتابعوا لتحرير المطلوب وشددوا فشدد عليهم وهذا مما حفظت منه هذه الأمة.
ألا ترى قوله تعالى فى فرضية الصيام: "يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم
...