الغاية يتقيد به خروجهن فناسبه التعريف فى قوله تعالى "فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن بالمعروف " أن المعلوم من موجب الشرع.
وأما قوله تعالى فى الآية الأخرى "فإن خرجن " ولم يذكر بلوغ الأجل وليس التقييد الحاصل من "إن " بلوغ الأمد المضروب قبل وهو الحول مثل التقييد الحاصل من الظرف المستقبل الذى هو "إذا " إذ ليست "إن "كـ "إذا "، ألا ترى أنك تقول: أقوم إذا قام زيد فيقتضى من قيامك هذا أن قيامك مرتبط بقيامه ولا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه بل يعاقبه على الاتصال وأما إذا قلت: أقوم إن قام زيد فأقصى ما يقتضى هذا أن قيامك بعد قيامه وقد يكون عقبه وقد يتأخر عنه فإنما يحصل من "أن " التقييد بالاستقبال دون اقتضاء تعقيب أو مباعدة فحصل فى ظاهر اللفظ إبهام من جهتين:
إحداهما كون الأجل لم يذكر بلوغه والثانية ما تقتضيه "إن " على ما بين فناسبه التنكير فى قوله "من معروف ".
فإن قيل: الحول المذكور فى قوله تعالى فى أول الآية "متاعا إلى الحول " معلوم التوقف وهو كأن الأجل المضروب لهن فى العدة قبل أن ينسخ الأربعة أشهر والعشر وقد اتصل بقوله "فإن خرجن " قوله "فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن " وذلك منبئ أعنى قوله "فلا جناح عليكم " برفع الحرج وأنهن لم يقع منهن معصية فى الخروج وإنما ذلك لخروجهن عند الأمد فقد تقيد خروجهن بوقت معلوم وهو تمام الحول فارتفع الإبهام
قلت: بقى رعى المناسبة مما يتأكد التفاته فوضح ورود كل من العبارتين على مايجب من المناسبة.
وجواب ثان وهو أن قوله فى الآية الأولى "بالمعروف "المراد به الوجه الذى لا ينكره الشرع ولا يمنعه ولهذا وصل الفعل ههنا بالباء والإحالة على متقرر معلوم وهو الشرع فورد معرفا بأداة العهد وعدى "فعلن " بالباء ثم جاءت الآية الثانية لتأخرها فى التلاوة مشيرة إلى تفصيل ما يفعلن فى أنفسهن من التزين والتعرض للخطاب وما يجارى ذلك من معروف مما ليس بمنكر شرعا والتنكير هنا محرز للمعنى المقصود ومن للتبعيض وهو تفسير وكأن قد قيل فى الوجه المباح لهن الذى لا يمنعه الشرع فجووب بتفصيل مشير إلى أنه ليس وجها واحدا لا يتعدينه بل لهن أن يتزين ويتعرض للخطاب ويفصحن بما يطلبنه من صداق وغير ذلك من مصالحهن المباحة لهن شرعا فهذا موضع من وموضع التنكير والأول موضوع الباء والتعريف بحسب ما قصد فى كل من الموضعين على ما تقدم وقد وضح جواب السؤالين.
والجواب عن السؤال الثالث أن تعقيب الأولى بقوله تعالى "والله بما تعملون خبير "