الأول: وهو اتفاق أكثرها فى ذكر الخلود وقد كثر اختلافهما فيما سوى ذلك.
والجواب عنه: أن وجه اتفاق أكثرها على ما ذكر أن كل نعيم ينقطع فليس بنعيم فى الحقيقة وكذلك العذاب وهذا واضح فلولا الخلود لما كان نعيما فلهذا كثر ترداده مع ضروب الجزاء.
والسؤال الثانى: ما وجه اجتماع الرضا والتأييد فى الآية الثانية من المائدة وثانية براءة وآية البريئة ولم يجمع بينهما فى البواقى؟
ووجه ذلك والله أعلم أن هذه الآيات على ما يذكر:
أما آية المائدة فقد قال تعالى فيها: "هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم "، وورد التصديق لعيسى عليه السلام فوسمهم فيها بالصدق وهو أسنى حالات الإيمان وقد قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين "، فالصدق حال الأنبياء والرسل وأولى السوابق.
وأما الآية الثانية من سورة براءة ففيها: "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار " وسبقية هؤلاء رضوان الله عليهم وما عرف من حالهم وأنهم صفوة المحسنين من هؤلاء الأمة معلوم ملحق لهم بنمط الأعلين من الصادقين من أتباع الرسل فلما كان المشار إليهم فى الآيتين هم الأسوة والقدوة لمن سواهم ناسب حالهم الإطناب فذكر الرضا والتأييد ولم يقع فى الآيات البواقى وصف يلحق أصحابه بهؤلاء وإن شملهم الرضا والخلود فى الجنة لكن تحديد الذكر والإفصاح بالمقدر المفهوم من سياق الكلام وعمومه له حكم قد بين فى نحو قوله: "وجبريل وميكائيل " وبابه.
وأما الآية البريئة فإنها على حكم مقتضى الترتيب الثابت آخر آية ذكر فيها حال المؤمنين فى الجزاء الأخراوى معقبا به ذكر جزاء من كان فى طرف من حالهم من مستوجبى النار على التأييد فكانت هذه الآية مظنة استيفاء للحال فوردت ورود الآيتين قبلها.
والسؤال الثالث وهو ما وجه تخصيص الآيات الأربع: آية المائدة والثانية من سورة براءة وآية الطلاق وآية البريئة بذكر التأييد مع الخلود فقيل: "خالدين أبدا ".
ولم يقع ذلك فى البواقى؟
والجواب عن ذلك: استدعاء هذه المواضع الأربعة ذكر ذلك.
أما آية المائدة وثانية براءة فلما بنيتا عليه من الإطناب، ولما حمل فيهما على جمع التأييد والرضا حسبما تقدم