فاعل رذيلة يمقت فاعلها ويشنأ وتستخسه الطباع السليمة فوسمت فعلته بالمقت وساوت الزنا فيما وراء ذلك فلهذا زيد فى آية النساء قوله "ومقتا ".
الآية الخامسة:
قوله تعالى: "محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان " وفى المائدة "محصنين غير مسافحين ولا متخذى أخدان " لا إشكال فى هذه الآية لأن مصرف الوصف فى الأولى للإماء المتزوجات عند عدم الطول ومصرف الوصف فى المائدة للمتزوجين من الرجال، وهذا السؤال والذى قبله لا إشكال فيهما.
الآية السادسة:
قوله تعالى: "فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " وفى سورة النحل: "وجئنا بك شهيدا على هؤلاء "
للسائل أن يسأل عن وجه اختلاف ما اختلف فى هاتين الآيتين فى التقديم والتأخير من قوله "وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " وقوله "وجئنا بك شهيدا على هؤلاء " مع اجتماعهما فى معنى واحد من شهادة الرسل على أممهم وشهادة نبينا صلى الله عليه وسلم على أمته؟
والجواب عن ذلك: والله أعلم أن آية النحل تقدمها قوله تعالى: "ويوم نبعث فى كل شهيدا عليهم من أنفسهم " فتقدم اسم الشهيد على المشهود عليه فورد ما نسق على ذلك من الإخبار بشهادته ـ عليه السلام ـ على أمته مرتبا على ما تقدمه من مقتضى النظم فى التناظر والتناسب فقيل: "وجئنا بك شهيدا على هؤلاء " متوازنا مع قوله "شهيدا عليهم " وذلك على ما يجب والله أعلم.
أما آية النساء فلم يرد فيها إفصاح بذكر المشهود عليهم ولا كناية عنهم بضمير ولا اسم إشارة بل فى آية النساء داع إلى تقدم المجرور بـ على وهو أنه لما تقدم قوله تعالى: "والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر " وذلك من صفة المنافقين ناسب هذا تقديم المجرور فى قوله "وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " حتى كأنه بحسب المفهوم لم يقصد به غيرهم ولا شهد على من سواهم وقد تقدم نحو هذا ومنه
لتقربن قربا جلذيا ما دام فيهن فصيل حيا
وقال تعالى: "ولم يكن له كفوا أحد " وليس فى آية النحل ما يقتضى ذلك بل مقتضاها إطلاق شهادته عليه السلام للجميع من صالح وطالح إذ لم يتقدم قبلها التقييد بل ظاهر مما تقدمها أن المراد جميع من بعث صلى الله عليه وسلم إليه فهذان حاملان من الآيتين على وجوب ورود النظم على ما ورد.