وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ (30) البقرة: 30 وهو غيبة لبني آدم، وقذف لهم رجما بالغيب.
الثالث: قولهم: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ} البقرة: 30 وهو عجب منهم بأعمالهم، ومن منهم على الله-عز وجل-بها، وكل هذه أفعال تنافي العصمة.
الرابع: أن إبليس وهاروت وماروت من رؤسائهم وقد علم ما كان منهم مما ينافي العصمة فمن دونهم من الملائكة أولى.
الخامس: أن البشر أفضل من الملائكة عند كثير من الناس، ثم إنهم غير معصومين، فالملائكة الذين هم مفضولون أولى.
واحتج الجمهور بوجوه:
أحدها: أن الملائكة رسل الله، لقوله-عز وجل-: {الْحَمْدُ لِلّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (1) فاطر: 1.
{اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النّاسِ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (75) الحج: 75. ورسل الله-عز وجل-معصومون لقوله عز وجل: {وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ} (124) الأنعام: 124.
الثاني: قوله-عز وجل-في وصفهم: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ} (6) التحريم: 6 وهو معنى العصمة. / 25/ل
الثالث: أن المنافي للعصمة هو المعاصي، و هي إنما تصدر عن الشهوة والغضب، وهم مجردون عنهما؛ فكانوا معصومين/ 13 ب/م عنها.
قالوا: وهذه الوجوه قواطع في عصمتهم، وما ذكره المعتزلة في نفيها ما بين ممنوع أو ظاهر لا يعارض القاطع.