ومصنّفيها، والمؤلّفات ومؤلّفيها. له التّصانيف الحسنة، التى اتّفقت على إطرائها الألسنة، وثنت إليها من الفضلاء عنانها الأثنية المستعذبة المستحسنة. المسك فى الطّيب دون ذكره، والعنبر معرب عن برّه. وجوده بالعراق بين الطّغام، وجود الذّهب فى معدن الرّغام. جامع الكتاب النّفيس، المرسوم «بلمح الملح» فى التّجنيس، ومؤلّف كتاب «الإعجاز فى الأحاجى والألغاز». وقائل القول المستفاد، والشّعر المستجاد.
نظمه بديع صنيع، وخاطره فى إيداعه وإبداعه كلّ معنى حسن جرىّ سريع، فشعره مصرّع مرصّع، معلم بالعلم ملمّع. برده مفوّف (١)، وسهمه مفوّق (٢)، وعوده مطيّب (٣) مورّق، وشرابه مروّق، وبحره فيّاض، ودرعه فضفاض، وضرغامه للفضل فارس، ومقوله على طرف الفصاحة فارس، سمعت بسيره (٤) الحجاز وفارس. سوق الأدب قائمة بمكانه فى سوق الكتب، وإذا حاورته لا تسمع منه غير النّكت والنّخب.
قلبه قليب المعنى، ونحره بحره، وصدره مصدره، وسحره سحره، وخاطره غيثه الماطر، وليثه القاهر، وجناته من الجنان فإنّه معدن الغرّ الحسان، ولسانه كالسّنان، والعضب اليمان. عجيب الفنّ غريبه، غضّ الفنن رطيبه. مقطّعاته أكثر من قصائده؛ فإنّه يقع له معنى فينظمه بيتا أو بيتين فى فرائده. وقد ألّف كلّ مؤلّف ظريف، وأودعه كلّ كلام لطيف، ولا يكون اعتناؤه أكثر زمانه، إلاّ بالجمع والتّأليف، وتصريف القول فى التّصنيف. ولم يزل مجمع الفضلاء دكّانه، ومنبع الفضل مكانه.
قال العماد (٥): وكنت أحضر عنده، وأقدح زنده، وأستنشق بانه ورنده، وهو ينشدنى ما ينشيه، ويسرّح ناظرى فيما يوشّيه.
أنشدنى لنفسه فى وصف العذار مقطّعات أرقّ من الاعتذار، غاص على ابتكار معانيها بالافتكار.
فمنها قوله من الأبيات العذاريّات (٦):
(١) برد مفوف: فيه خطوط بيض، وأيضا: رقيق.
(٢) فوّق السهم: وضعه فى الوتر.
(٣) فى الخريدة: «رطيب».
(٤) فى الخريدة: «بشائر سيره».
(٥) خريدة القصر (العراق) ١/ ٣٢/٤.
(٦) خريدة القصر (العراق) ١/ ٣٣/٤، ووفيات الأعيان ٢/ ٣٦٨.