ولمّا انتجعنا لائذين بظلّه … أعان وما عنّى ومنّ وما منّى
وردنا عليه مقترين فراشنا … وردنا نداه مجدبين فأخصبنا
وجملة ما يقوله فى العجز عن حمده وشكره، والثناء على جوده وبرّه:
أما وجميل الصّنع منه وإنّها … أليّة برّ مثلها لا يكفّر
لو اسطعت حوّلت البريّة ألسنا … وكنت بها أثنى عليه وأشكر
ولست أوفّى حقّ ذاك وإنّما … قياما بحقّ الشكر جهدى أشمّر
وذكره العلاّمة بدر الدين الغزّىّ العامرىّ، عالم دمشق، بل عالم الدّيار الشاميّة بأسرها، فى «رحلته إلى الدّيار الروميّة»، وبالغ فى الثناء عليه، وقال: قاضى قضاة المسلمين، وأولى ولاة الموحّدين، وينبوع العلم واليقين، العادل العدل فى أحكامه، والمراقب لله فى فعله وكلامه، عين إنسان الزمان، وإنسان عين البيان، قاضى القسطنطينيّة، سعدى بن عيسى بن أمير خان، ما قرن به فاضل فى الرّوم إلاّ رجحه، ولا ألقى إليه مهمّ من العلم إلاّ كشفه وأوضحه، له صادقات عزائم، لا تأخذه فى الله لومة لائم، إلى عفّة ونزاهة وديانة، وهمّة عالية وصيانة، وطلاقة وجه مع خلق وضىّ، وخلق رضىّ. إلى أن قال، أعنى صاحب «الرحلة»: وكان يكرمنى ويجلّنى عند ما أجتمع به، ويمدحنى عند الناس بالعلم، ويصفنى بالفضيلة التامّة والمعرفة الجيّدة.
وافتخار البدر بتربية السّعد، دليل واضح على علوّ شانه، ورفيع مكانه.
وأورد فى الرحلة طرفا يسيرا من مدائح السّيّد عبد الرحيم العبّاسىّ المذكور فى حقّه، فمن ذلك ما كتبه إليه وقد عمّر منزلا وسكن فيه يوم النّوروز:
يا عظيما دونه شمس الضّحى … بدليل قطّ ما فيه خفا
هى بالمنزل تعطى شرفا … وبك المنزل يعطى الشّرفا
وكتب إليه أيضا يمدحه، وهو قاض إذ ذاك بالقسطنطينيّة، وكان زمن النّوروز أيضا، قوله:
/قرّت عيون العلا مذ بتّ راعيها … وبالثّناء شذت إذ صرت واعيها
ومنك قد أشرقت أيّامها وغدت … من مدّها بالسّنا بيضا لياليها
وكيف لا يبهج الأيّام سؤدد من … سمت معاليه عن قرم يساميها
لا تسألنّ سوى علياه عنه تصب … فالدار تنبئ عن مقدار بانيها