*وروى الخطيب أيضا (١)، عن النّضر بن محمّد، قال: دخل قتادة الكوفة، ونزل فى دار أبى بردة، فخرج يوما، وقد اجتمع إليه خلق كثير، فقال قتادة: والله الذى لا إله إلا هو، ما يسألنى اليوم أحد عن الحلال والحرام إلا أجبته.
فقام إليه أبو حنيفة، فقال: يا أبا الخطّاب، ما تقول فى رجل غاب عن أهله أعواما، فظنّت امرأته أن زوجها مات، فتزوّجت، ثم رجع زوجها الأوّل، ما تقول فى صداقها؟
وقال لأصحابه الذين اجتمعوا إليه: لئن حدّث بحديث ليكذبنّ، وإن قال برأى نفسه ليخطئنّ.
فقال قتادة: ويلك، أوقعت هذه المسألة؟
قال: لا.
قال: فلم تسألنى عمّا لم يقع؟
فقال أبو حنيفة: إنا نستعدّ للبلاء قبل نزوله، فإذا وقع عرفنا الدّخول فيه والخروج منه.
قال قتادة: والله لا أحدّثكم بشئ من الحلال والحرام، سلونى عن التفسير.
*فقام إليه أبو حنيفة، فقال له: يا أبا الخطّاب: ما تقول فى قول الله تعالى (٢): ﴿قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)؟﴾.
قال: نعم، هذا آصف بن برخيا بن شمعيا، كاتب سليمان بن داود، وكان يعرف اسم الله الأعظم.
فقال أبو حنيفة: وهل كان يعرف الاسم سليمان؟
قال: لا.
(١) تاريخ بغداد ٣٤٩،١٣/ ٣٤٨.
(٢) سورة النمل ٤٠.