وما أحس وأصدق قول الصّاحب، يعنى صاحب الترجمة (١):
إنّ خير المدّاح من مدحته … شعراء البلاد فى كلّ ناد
وكان أبو بكر الخوارزمىّ يقول (٢): إنّ مولانا الصّاحب، نشأ من الوزارة فى حجرها، ودبّ ودرج فى وكرها، ورضع أفاويق درّها، وورثها أباه، كما قال أبو سعيد الرّستمىّ:
ورث الوزارة كابرا عن كابر … موصولة الإسناد بالإسناد
/يروى عن العبّاس عبّاد وزا … رته وإسماعيل عن عبّاد
قال: ولمّا ملك فخر الدّولة، واستعفى الصّاحب من الوزارة، قال له: لك فى هذه الدّولة من إرث الوزارة، ما لنا فيه من إرث الإمارة، فسبيل كلّ منّا أن يحتفظ بحقّه.
وقال أبو عبد الله محمد بن حامد الحامدىّ (٣): عهدى بأبى محمد الخازن ماثلا بين يدى الصّاحب، ينشده قصيدة له فيه، أوّلها:
هذا فؤادك نهبى بين أهواء … وذاك رأيك شورى بين آراء (٤)
هواك بين العيون النّجل مقتسم … داء لعمرك ما أبلاه من داء
لا تستقرّ بأرض أو تسير إلى … أخرى بشخص قريب عزمه ناء
يوما بحزوى ويوما بالعقيق ويو … ما بالعذيب ويوما بالخليصاء
وتارة تنتحى نجدا وآونة … شعب الغوير ويوما قصر تيماء (٥)
قال: فرأيت الصّاحب مقبلا عليه بمجامعه، حسن الإصغاء إلى إنشاده، مستعيدا أكثر أبياته، مظهرا من الإعجاب والاهتزاز له ما يعجب الحاضرين، فلمّا بلغ قوله:
أدعى بأسماء نبزا فى قبائلها … كأنّ أسماء أضحت بعض أسمائى
(١) يتيمة الدهر ٣/ ١٩٣.
(٢) يتيمة الدهر ٣/ ١٩٤.
(٣) يتيمة الدهر ١٩٦،٣/ ١٩٥.
(٤) فى النسخ: «فؤادك نهى».
(٥) فى اليتيمة: «شعب العقيق».