لسانى كتوم لأسراركم … ودمعى نموم بسرّى مذيع (١)
فلولا دموعى كتمت الهوى … ولولا الهوى لم يكن لى دموع
وقد بعث خادما له (٢) ليلة من الليالى، ليأتيه بجارية كان يهواها، فأطال عندها المكث، وتمنّعت الجارية من المجئ إليه حتى يأتى إليها بنفسه، فأنشأ المأمون يقول (٣):
بعثتك مشتاقا ففزت بنظرة … وأغفلتنى حتى أسأت بك الظّنّا
وناجيت من أهوى فكنت مقرّبا … فيا ليت شعرى عن دنوّك ما أغنى (٤)
وردّدت طرفا فى محاسن وجهها … ومتّعت باستمتاع نغمنها أذنا (٥)
أرى أثرا فى صحن خدّك لم يكن … لقد سرقت عيناك من حسنها حسنا (٦)
ولمّا ابتدع المأمون (٧) ما ابتدع من التّشيّع والاعتزال، فرح بذلك بشر المريسىّ، وكان شيخا للمأمون فى ذلك، وأنشد:
قد قال مولى الورى وسيّدنا … قولا له فى الكتاب تصديق (٨)
إنّ عليّا أعنى أبا حسن … أفضل من أرقلت به النّوق (٩)
/بعد نبىّ الهدى وإنّ لنا … أعمالنا والقرآن مخلوق
فأجابه بعض الشعراء من أهل السّنّة، فقال:
يا أيّها الناس لا قول ولا عمل … لمن يقول كلام الله مخلوق
ما قال ذاك أبو بكر ولا عمر … ولا النّبىّ ولم يذكره صدّيق
(١) فى المراجع السابقة: «لسرى».
(٢) القصة فى: البداية والنهاية ٢٧٩،١٠/ ٢٧٨.
(٣) الشعر أيضا فى: تاريخ الطبرى ٨/ ٦٥٨، فوات الوفيات ٢/ ٢٣٩، الكامل ٦/ ٤٣٦.
(٤) فى البداية وتاريخ الطبرى: «وكنت مباعدا». وفى الفوات: «فكنت مقاربا».
(٥) هذا البيت ليس فى تاريخ الطبرى، ومكانه والذى يليه فى الفوات:
فيا ليتني كنت الرسول وكنتنى … فكنت الذى يقصى وكنت الذى أدنى
(٦) فى البداية وتاريخ الطبرى: «أرى أثرا منه بعينيك لم يكن». وفى البداية: «من عينها». وفى تاريخ الطبرى: «من عينه».
(٧) البداية والنهاية ١٠/ ٢٧٩.
(٨) فى البداية: «قد قال مأموننا … فى الكتب … ».
(٩) فى البداية: «أفضل من قد أقلت النوق». وأرقلت: أسرعت.