قال: وكيف؟
قال: يحلفون لكم، ثم يرجعون إلى منازلهم فيستثنون، فتبطل أيمانهم.
قال: فضحك المنصور، وقال: يا ربيع، لا تعرض لأبى حنيفة.
فلمّا خرج أبو حنيفة، قال: أردت أن تشيط (١) بدمى؟
قال: لا، ولكنّك أردت أن تشيط بدمى فخلّصتك، وخلّصت نفسى.
وكان أبو العبّاس الطّوسىّ (٢) سيّئ الرّأى فى أبى حنيفة، وكان أبو حنيفة يعرف ذلك، فدخل أبو حنيفة على أبى جعفر المنصور يوما، وكثر الناس عنده، فقال الطّوسىّ: اليوم أقتل أبا حنيفة.
فأقبل عليه، فقال: يا أبا حنيفة، إن أمير المؤمنين يدعو الرجل منّا، فيأمره بضرب عنق الرجل، لا يدرى ما هو، أيسعه أن يضرب؟
فقال: يا أبا العباس، أمير المؤمنين يأمر بالحقّ أو بالباطل؟
قال: بالحقّ.
قال: أنفذ الحقّ حيث كان، ولا تسأل عنه.
ثم قال أبو حنيفة لمن قرب منه: إن هذا أراد أن يوثقنى فربطته.
وكان أبو حنيفة، ﵀، كثير البرّ بوالدته، والقيام بواجب حقّها، وإدخال السّرور عليها، وعدم المخالفة لها.
حدّث حجر بن عبد الجبّار الحضرمىّ (٣)، رحمه الله تعالى، قال: كان فى مسجدنا قاصّ يقال له زرعة، ينسب مسجدنا إليه، وهو مسجد الحضرميّين، فأرادت أمّ أبى حنيفة أن
(١) شاط بدمه: أهلكه، أو عمل فى هلاكه، أو عرضه للقتل. القاموس (ش ى ط).
(٢) تاريخ بغداد ٣٦٦،١٣/ ٣٦٥.
(٣) تاريخ بغداد ١٣/ ٣٦٦.