وأما محمود فكان من أعيان جند السلطان سليم خان فاتح الدّيار المصريّة.
وأمّا بايزيد فكان كاتب السّرّ عند بعض الملوك من أولاد إسفنديار.
اشتغل، وحصّل، وأخذ عن بعض فضلاء الدّيار الرّوميّة، وصار مدرّسا بإحدى المدارس الثّمان، ثم صار مدرّسا بإحدى المدارس السّليمانيّة، ثم ولى قضاء الشّام، ثم قضاء مصر، ثم بعد مدّة ولى قضاء إصطنبول، ثم قضاء العسكر بولاية أناطولى، وكان فى هذه الولايات كلّها عفيفا عن أموال الناس، فيه ميل إلى مساعدة الفقراء، وممالأة على طائفة الظّلمة.
وهو فى علم الكلام أحسن منه فى بقيّة العلوم.
وربما اعتراه حدّة فى الخلق، وسرعة فى الغضب، ولذلك لم تطل مدّته فى سائر هذه المناصب، لعدم المداراة.
وله بعض تآليف، ورسائل، وتعاليق على هوامش بعض الكتب.
وقد رأيته، واجتمعت به مرارا، وهو فى غاية ما يكون من التّواضع، وعدم التّكبّر، وهو الآن حىّ يرزق (١). والله أعلم.
***
١٢٧٥ - عبد الغنىّ بن عبد الواحد بن إبراهيم بن أحمد بن
أبى بكر بن عبد الوهّاب نسيم الدين، وتقىّ الدين، أبو محمد،
ابن الجلال الفوّىّ الأصل، المكّىّ (*)
سبط الكمال الدّميرىّ، وشقيق إبراهيم، ويعرف بابن المرشدىّ.
ولد بمكّة سنة أربع وثمانمائة، ونشأ بها، فحفظ القرآن الكريم، وكتبا، واشتغل فى النحو، والفقه، وغيرهما، وأقبل على الحديث، وطلب بنفسه، فسمع الكثير على شيوخ بلده، وتدرّب فيه بالتّقىّ الفاسىّ، والجمال ابن موسى، وغيرهما.
ورحل إلى القاهرة، والقدس، والخليل، ودمشق، ودخل قبل ذلك بلاد اليمن، صحبة ابن
(١) فى الكواكب: أنه مات قبل الألف، وفى حاشيته سنة خمس وتسعين، وفى الشذرات سنة تسع وتسعين وتسعمائة.
(*) ترجمته فى: إنباء الغمر ٣/ ٤٤٧، شذرات الذهب ٧/ ٢٠٣، الضوء اللامع ٤/ ٢٥١ - ٢٥٣.