ولا ذات طوق ما تملّ هديلها … رقوب إذا لم تذرف الدّمع تندب
كوجدى إذا ما جنّنى الليل وانتفى … رقادى وصبرى واستمرّ تكرّبى
لحى الله دهرا فرّقتنا صروفه … فشعّب منّا الشّمل كلّ مشعّب (١)
خلقت على ريب الحوادث صابرا … كأنّى على الأيّام قنّة مرقب
ولكنّنى أرجو من الله أنّه … سينعم بالى منكم بالتّقرّب
قال العماد الكاتب: ووجدت أيضا فى «ديوان أبى على الحسن بن أبى جرادة» أنه وصلته من والده رقعة فيها شعر، بخطّ أخيه، ومن جملته (٢):
أمالك ناظرى والقلب حقّا … يقينا فى الدّنوّ وفى البعاد
قنعت بأن أراك بعين سمعى … على أنّ اشتياقى فى اتّقاد
وكنت أطيل فى الشّكوى اجتهادا … فلم تغن الإطالة باجتهادى
ولمّا لم أفز ببلوغ قصدى … عدلت إلى اقتصار واقتصاد
فلا تبخل علىّ بفضل طرس … عليه رقش كفّك بالمداد
فلا برحت تخصّك كلّ يوم … تحيّاتى وإن شطّت بلادى
أحنّ إلى اللّقاء وأنت عندى … مقيم فى السّويدا والسّواد
فأجابه عن ذلك بقصيدة، منها (٣):
/أطعت ولم أكن طوع القياد … وغالبنى الزّمان على مرادى
وباعدت الأحبّة بعد قرب … وقاربت النّوى بعد البعاد
ومنها أيضا:
فبتّ كأنّنى فى عقد عشر … وأفكارى تطوّف فى البلاد
أسير صبابة ونجىّ شكوى … وحلف كآبة وأخا سهاد
غريب الدّار أصحب غير أهلى … وأصبح ساكنا بسوى بلادى
وما استأخرت سلوانا ولكن … عدتنى عن زيارتك العوادى
***
(١) فى الخريدة: «فى كل مشعب».
(٢) خريدة القصر ٢٢٣،٢/ ٢٢٢.
(٣) خريدة القصر ٢/ ٢٢٣.