وقال الشافعىّ: ليس له ذلك.
*مسألة، السّلطان إذا احتاج إلى تقويه الجيش، فأخذ من أرباب الأموال ما يكفيه من غير رضاهم، له ذلك.
ومثل هذه المسائل كثيرة، قلّ أن تحصر فى مصنّف، وفيما ذكرناه منها كفاية للمنصف؛ فإنه إذا تأمّل ما أوردناه، ونظر بعين الإنصاف إلى ما قرّرناه، ظهر له أن مذهبنا أوفق للإمامة من غيره، وأكثر تفويضا للأئمّة من سواه، والله الموفّق للصّواب.
*** ومن التّشنيعات أيضا، قولهم: إنّه قدّم القياس الذى اختلف الناس فى كونه حجّة على الأخبار الصّحيحة، التى اتّفق العلماء على كونها حجّة.
والجواب/أن هذا القول (١) زعم منهم، فإن أبا حنيفة أخذ بكتاب الله تعالى، ثم بسنّة رسول الله ﷺ، ثم بما اتّفقت عليه الصحابة، ثم بما جاء عن واحد من الصّحابة، وثبت ذلك واشتهر ولم يظهر له فيه مخالف، وإن كان أمرا اختلف فيه الصّحابة والعلماء فإنه يقيس الشئ بالشئ حتى يتّضح الأمر، ثم بالقياس إن لم يكن فى الحادثة شئ ممّا ذكرناه.
والدّليل على أن مذهب أبى حنيفة على الصّفة المشروحة، ما روى أبو مطيع البلخىّ، قال: كتب (٢) أبو جعفر المنصور إلى أبى حنيفة يسأله عن مسائل، وكان ممّا سأل:
أخبرنى عن ما أنت عليه، فقد وقع فيك الناس، وزعموا أنّك ذو رأى، وصاحب اجتهاد وقياس، وكتبت (٣) إليك بالمسائل، فإن كنت بها عالما علمنا أنك تقول بما نقول، وإن اشتبهت عليك، وتماديت فيها، علمنا أنك تقول بالقياس، والسّلام.
(١) فى ط، ن: «القدر»، والمثبت فى: ص.
(٢) تكملة لازمة.
(٣) فى ص: «فكتبت»، والمثبت فى: ط، ن.