ولا بأس بذكر بعض المسائل الشّاهدة لما ذكرنا، والموضّحة لما قرّرنا، على أنها لا تدخل تحت الحصر، والله الموفّق للصّواب:
*مسألة، رجل ردّ عبدا آبقا من مسيرة ثلاثة أيّام.
قال أبو حنيفة: له الجعل أربعون درهما. وكان القياس أن لا يجب، فترك القياس وأخذ من ذلك بالخبر الذى روى عن عبد الله بن مسعود رضى الله تعالى عنه، فى خبر طويل، أن رجلا قدم بآبق من الفيّوم (١)، فقال القوم: لقد أصاب أجرا.
فقال ابن مسعود: وأصاب جعلا.
وقال من خالفه: لا يجب الجعل. فترك الخبر وأخذ بالقياس.
*مسألة، ولو أن رجلا حلق لحية رجل، أو حاجبيه، فلم تنبت ثانيا.
قال أبو حنيفة: يجب على الحالق دية كاملة.
وقال من خالفه: لا يجب الدّية على الكمال.
وكان القياس أن لا تجب الدّية على الكمال، فترك القياس، وأخذ بالخبر المروىّ فى حديث سعيد بن المسيّب، رحمه الله تعالى.
*مسألة، ولو أن رجلا أوجب على نفسه أن ينحر ولده.
قال أبو حنيفة: يلزمه أن يذبح شاة.
وقال من خالفه: لا يجب عليه شئ. فأخذ بالقياس وترك الخبر.
*مسألة، ولو أن رجلا حلف، وقال: إن فعلت كذا فأنا برئ من الإسلام. ففعل ذلك.
(١) لعله يعنى فيوم العراق، وهو موضع قريب من هيئت. معجم البلدان ٣/ ٩٣٣.