وفى هذه الأبيات تصريح بأن الإمام، رضى الله تعالى عنه، كان من المتقدّمين فى فنّ القراءات، كما هو من المتقدّمين السّابقين فى علم الفقه، وهو كذلك، فقد أفردوا بالتآليف قراءته التى انفرد بها، ورووها عنه بالأسانيد.
وممّن أفردها بالتأليف أبو القاسم الزّمخشرىّ، وأبو القاسم يوسف بن على بن جبارة (١) الهذلىّ البسكرىّ (٢)، بموحّدة وسين مهملة، فى كتابه المعروف ب «الكامل»، وغيرهما.
وممّن روى عنه القراءة أبو يوسف، ومحمّد، رحمهما الله، وغيرهما.
وحروفه معروفة مذكورة فى «المناقب»، وغيرهما.
وقد وضع بعض الحسّاد قراءات، ونسبها إليه، فأظهر الله/الحقّ، ومحق الباطل، وجوزى كلّ بفعله.
وقال صاحب المناقب يمدحه (٣):
رسول الله قال سراج دينى … وأمّتى الهداة أبو حنيفة
غدا بعد الصّحابة فى الفتاوى … لأحمد فى شريعته خليفه
وقال غيره، يصفه بالعلم والعبادة، من أبيات (٤):
نهار أبى حنيفة للإفاده … وليل أبى حنيفة للعباده (٥)
وودّع نومه خمسين عاما … لطاعته وخدّاه الوساده
وكان يحيى بن معين إذا ذكر من يتكلّم فى أبى حنيفة، يقول (٦):
(١) بكسر الجيم فى لسان الميزان ٦/ ٣٢٥، وبضمها أيضا، فى القاموس (ج ب ر). وانظر التاج.
(٢) نسبة إلى بسكرة، بكسر الباء، وقيل: بفتحها، وهى بلدة من بلاد المغرب. اللباب ١/ ١٢٥.
(٣) البيتان فى: مناقب الإمام الأعظم ١/ ٢٣، مناقب الكردرى ١/ ٣٠.
(٤) نسب خطيب خوارزم هذين البيتين لنفسه فى المناقب ١/ ٢٥٥، من أبيات، وهما أيضا فى مناقب الكردرى ١/ ٢٥١.
(٥) بعد هذين البيتين فى ص زيادة: «منها»، والمثبت فى: ط، ن.
(٦) مناقب الإمام الأعظم ٢/ ١٥، ومناقب الكردرى ١/ ٢٦٨، والخيرات الحسان ٦٨، وفيه أن الذى تمثل بذلك هو أبو عاصم النبيل، والبيتان أيضا فى ذيل الجواهر المضية ٢/ ٤٩٨.
والبيتان لأبى الأسود الدؤلى. انظر البيان والتبيين ٤/ ٦٣.