ولم يزل إبراهيم على القضاء حتى توجّه عبد الله بن طاهر بن الحسين، من قبل المأمون إلى مصر، ليحارب عبيد الله بن السّرىّ، فصرفه عن القضاء، سنة إحدى عشرة ومائتين.
وعن أبى جعفر الطّحاوىّ، أنه قال: كان إبراهيم بن الجرّاح راكبا فى موكب، فيه جمع كثير من الناس، فبلغهم أنه عزل، فتفرّقوا أوّلا فأوّلا، إلى أن لم يبق معه أحد، فقال لغلامه:
ما بال الناس!!.
قال: بلغهم أنك عزلت.
فقال: سبحان الله، ما كنّا إلاّ فى موكب ريح (١).
ولما صرف عن القضاء، قال: سمعت أبا يوسف يقول: سمعت أبا حنيفة فى جنازة رجل ينشد هذه الأبيات عند القبر:
لمّا رأيت المشيب قد نزلا … وبان عنّى الشباب وارتحلا
أيقنت بالموت فانكسرت له … وكلّ حىّ يوافق الأجلا
كم من أخ لى قد كان يؤنسنى … فصار تحت التّراب منجدلا
لا يسمع الصّوت إن هتفت به … ولا يردّ الجواب إن سئلا
لو خلّد الله فاعلموا أحدا … لخلّد الأنبياء والرّسلا
وذكره ابن الجوزىّ فى «المنتظم»، وقال: أصله من مرو الرّوذ، وعزل سنة عشر ومائتين، وعاش بعد ذلك إلى أن مات بالرّملة، سنة سبع عشرة. يعنى ومائتين.
وقال ابن يونس: مات فى المحرّم، بمصر.
وعن عبد الرحمن بن عبد الحكم، أنه قال: لم يكن إبراهيم بن الجرّاح بالمذموم/فى أوّل ولايته حتّى قدم عليه ابنه من العراق، فتغيّر حاله، وفسدت أحكامه.
*** *وإبراهيم هذا هو آخر من روى عن أبى يوسف، قال: أتيته أعوده، فوجدته مغمى عليه، فلما أفاق قال لى: يا إبراهيم، أيّما أفضل فى رمى الجمار، أن يرميها الرجل راجلا أو راكبا؟
(١) فى ط، ن: «ربح»، والمثبت فى: ص.