أطغاك يا ابن أبى دواد ربّنا … فجريت فى ميدان إخوة عاد
لم تخش من ربّ السّماء عقوبة … فسننت كلّ ضلالة وفساد
كم من كريمة معشر أرملتها … ومحدّث أوثقت بالأقياد
كم من مساجد قد منعت قضاتها … من أن تعدّل شاهدا برشاد
كم من مصابيح لها أطفيتها … كيما تزلّ عن الطّريق الهادى
إن الأسارى فى السّجون تفرّجوا … لمّا أتتك مواكب العوّاد (١)
وغدا لمصرعك الطبيب فلم يجد … لعلاج ما بك حيلة المرتاد
لا زال فالجك الذى بك دائما … وفجعت قبل الموت بالأولاد
وأبا الوليد رأيت فى أكتافه … سوط الخليفة من يدى جلاّد
ورأيت رأسك فى الخشوب معلّقا … فوق الرّءوس معلّما بسواد (٢)
قال الخطيب: وأبو الوليد هذا، هو ابن أحمد بن أبى دواد، واتّفق أنّه مات هو وأبوه منكوبين، وكان بين وفاتيهما نحو شهر، هو فى ذى (٣) الحجّة، سنة تسع وثلاثين ومائتين،/ وأبوه فى المحرم، سنة أربعين ومائتين، يوم السّبت، لتسع بقين منه.
ومن شعر أحمد، وقد بلغه أن شخصا هجا ابن الزّيّات الوزير بسبعين بيتا، وقيل: إن ابن الزّيّات هو الذى قال السّبعين بيتا فى هجو أحمد، فقال (٤):
أحسن من سبعين بيتا هجا … جمعك معناهنّ فى بيت
ما أحوج الملك إلى مطرة … تغسل عنه وضر الزّيت
فبلغ ابن الزّيّات ذلك، فقال (٥):
يا ذا الذى يطمع فى هجونا … عرّضت بى نفسك للموت
(١) فى ط، ن، وتاريخ بغداد: «مراكب العواد»، والمثبت فى: ص.
(٢) فى تاريخ بغداد: «ورأيت رأسك فى الجسور منوطا».
(٣) ساقط من: ط، ن، وهو فى: ص.
(٤) البيتان فى وفيات الأعيان ١/ ٨٨.
(٥) بعد هذا فى ط، ن زيادة: «إن بعض أجداده كان يبيع القار، فقال»، ولا يتفق هذا مع ما يأتى من تعليق المؤلف بعد أبيات، فيكرر المعنى، والمثبت فى: ص.
وأبيات ابن الزيات أيضا، فى وفيات الأعيان ١/ ٨٨.