*وكان قدم بغداد حاجّا، فدخل الجامع، ووقف على داود صاحب الظاهر، وهو يكلّم رجلا من أصحاب أبى حنيفة، وقد ضعف فى يده الحنفىّ، فجلس، فسأله عن بيع أمّهات الأولاد، فقال: يجوز.
فقال له: لم قلت؟
قال: لأنّا أجمعنا على جواز بيعهنّ قبل العلوق، فلا نزول عن هذا الإجماع إلاّ بإجماع مثله.
فقال له: أجمعنا بعد العلوق قبل وضع الحمل على أنه لا يجوز بيعها، فيجب أن نتمسّك بهذا الإجماع، ولا نزول عنه إلاّ بإجماع مثله.
فانقطع داود، وقال: ننظر فى هذا.
قال: فعزم أبو سعيد على القعود ببغداد، والتّدريس بها، لما رأى من غلبة أصحاب الظاهر، فلما كان بعد مديدة رأى فى المنام، كأنّ قائلا يقول: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمّا ما يَنْفَعُ النّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ١﴾ فانتبه بدقّ /الباب، وإذا قائل يقول له: قد مات داود بن علىّ صاحب المذهب، فإن أردت أن تصلّى عليه فاحضر.
وأقام أبو سعيد ببغداد سنين كثيرة يدرّس، ثمّ خرج إلى الحجّ فقتل فى وقعة القرامطة مع الحجّاج، سنة سبع عشرة وثلاثمائة. رحمه الله تعالى.
***
١٨٦ - أحمد بن حفص
المعروف بأبى حفص الكبير (*)
الإمام المشهور (٢)، والعلم المنشور، الذى طنّت حصاته فى الآفاق، وشاع ذكره بين أهل الخلاف والاتّفاق (٢).
(١) سورة الرعد ١٧.
(*) ترجمته فى: تاج التراجم ٦، الجواهر المضية، برقم ١٠٤، الفوائد البهية ١٩،١٨، كتائب أعلام الأخيار، برقم ٩٨.
(٢ - ٢) ساقط من: ص، وهو فى: ط، ن.