ذلك، وإنما يجلس المدرّس وحده فى محلّ خال من الناس، ولا يدخل إليه إلا من يقرأ الدّرس، وشركاؤه فيه، ولا يحضرهم أحد من غير تلامذة المدرّس.
وجرى فى ذلك الدرس العامّ، من الأبحاث الرائقة، والفوائد الفائقة، ما حفظته الوعاة، وتناقلته الرّواة.
ثمّ خلع عليه يوم الدّرس المذكور ثلاث خلع، بعد أن أرسلت إليه المرحومة والدة السّلطان، نصره الله تعالى، ألف دينار لأجل ضيافة من يحضر الدّرس المذكور، ومدّ لهم سماط، احتوى على نفائس الأطعمة، وأخذوا منه رعاية له نحو خمسين ملازما، وما وقع ذلك لأحد غيره.
ثم ولى قضاء الشام، ثم قضاء مدينة أدرنة، ثم قضاء قسطنطينيّة، ثم ولى قضاء العسكر، فى أواخر شهر رمضان المعظّم قدره، سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة، وأخذ يعامل أهل العلم وطلاّب المناصب بالرّفق، والمداراة، والإحسان، ويقلّد أعناق الرجال منن الإكرام والإفضال، غير أنهم لم يكونوا راضين عنه الرّضاء التام، وقلّما يحصل منهم ذلك فى حقّ قاض من القضاة؛ فإنّ رضاءهم غاية لا تدرك.
ولصاحب الترجمة مؤلّفات تدلّ على فضله، ونبله، وعلوّ مقامه، منها، «تفسير سورة يوسف»، و «حاشية على تفسير سورة الأنعام» للعلامة البيضاوىّ، و «حاشية فى آداب البحث» على «حاشية ملاّ مسعود»، و «حواش على أوائل التّلويح»، و «حواش على غالب شرح المفتاح للسّيّد»، وله رسائل متعدّدة، فى فنون كثيرة، نفع الله بها، آمين (١).
***
١٩٤ - أحمد بن زبهراد بن مهران
أبو الحسن، السّيرافىّ (*)
المقرى، الفقيه، المتكلم.
(١) ذكر المحبى أنه توفى بقسطنطينية، فى سنة ثمان بعد الألف.
(*) ترجمته فى: الجواهر المضية، برقم ١٠٧.
ووردت ترجمته باسم «أحمد بن مهران» فى: العبر ٢/ ٢٧٠، النجوم الزاهرة ٣/ ٣١٨، نقلا عن الذهبى، حسن المحاضرة ١/ ٣٦٩، شذرات الذهب ٢/ ٣٧٢.
ووفاته فى هذه المصادر سنة ست وأربعين وثلاثمائة.