ذلك، وفيما تقدم من التواريخ خلاف، وكانت وفاته يوم الاثنين، حين اشتدّ الضّحى، لثنتى عشرة ليلة خلت من ربيع الأوّل، ومرض أربعة عشر يوما، ودفن ليلة الأربعاء.
ولما حضره الموت كان عنده قدح فيه ماء، فجعل يدخل يده فيه ويمسح وجهه ويقول:
«اللهمّ /أعنّى على سكرات الموت». وسجّى ببرد حبرة (١). وقيل: إن الملائكة سجّته.
وكذّب بعض أصحابه بموته دهشة، يحكى ذلك عن عمر رضى الله تعالى عنه، وأخرس عثمان رضى الله تعالى عنه، وأقعد علىّ رضى الله تعالى عنه، ولم يكن فيهم أثبت من العباس، وأبى بكر رضى الله تعالى عنهما.
ثم إن الناس سمعوا من باب الحجرة: لا تغسّلوه، فإنه طاهر مطهّر. ثمّ سمعوا بعد ذلك:
اغسلوه؛ فإن هذا إبليس، وأنا الخضر، وعزّاهم فقال: إن فى الله عزاء من كلّ مصيبة، وخلفا من كل هالك، ودركا من كل فائت، فبالله فثقوا، فإن المصاب من حرم الثواب.
واختلفوا فى غسله، هل يكون فى ثيابه أو يجرّد عنها؟
فوضع الله عليهم النّوم، فقال قائل، لا يدرى من هو: اغسلوه فى ثيابه. فانتبهوا، وفعلوا ذلك.
والذين ولوا غسله علىّ والعباس، وولداه الفضل، وقثم، وأسامة وشقران مولياه، وحضرهم أوس بن خولىّ من الأنصار، ونفضه علىّ فلم يخرج منه شئ، فقال: صلّى الله عليك وسلّم، طبت حيّا وميّتا.
وكفّن فى ثلاثة أثواب بيض سحوليّة، ليس فيها قميص ولا عمامة، بل لفائف من غير خياطة.
وصلّى المسلمون عليه أفذاذا، ولم يأمّهم أحد.
(١) فى ن: «وحبرة»، والمثبت فى: ص، ط، والوافى بالوفيات ١/ ٦٠.
والحبرة: ضرب من برود اليمن.