فقال المريسىّ: أدخلك الله أعلى علّيّين، مع محمد وإبراهيم وموسى صلّى الله عليهم وسلم.
قال محمد بن إسحاق (١): فذكرت هذا الحكاية لبعض أصحابنا، فقال لى: لا تدرى أىّ شئ أراد المريسىّ بقوله؟ كان منه طنزا (٢)، لأنه يقول: ليس ثمّ جنة ولا نار.
وروى (٣) عن حميد الطّوسىّ، أنه دخل على أمير المؤمنين، وعنده بشر المريسىّ، فقال أمير المؤمنين لحميد: أتدرى من هذا يا أبا غانم؟
قال: لا.
قال: هذا بشر المريسىّ.
فقال حميد: يا أمير المؤمنين، هذا سيّد الفقهاء، هذا قد رفع عذاب القبر، ومسألة منكر ونكير، والميزان، والصّراط، انظره هل يقدر يرفع الموت؟.
ثم نظر إلى بشر، فقال: لو رفعت الموت كنت سيّد الفقهاء حقّا.
وروى (٣) أن يهوديّا مرّ على بشر، والناس مجتمعون عليه، فقال لهم: لا يفسد عليكم كتابكم، كما أفسد أبوه علينا التوراة، يعنى أن أباه كان يهوديّا.
وعن أبى مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلىّ (٤)، قال: حدّثنى أبى، قال: رأيت بشر المريسىّ -عليه لعنة الله-مرّة/واحدة، شيخا قصيرا، ذميم (٥) المنظر، وسخ الثياب، وافر الشّعر، أشبه شئ باليهود، وكان أبوه يهوديا صبّاغا بالكوفة فى سوق المراضع، ثم قال: لا يرحمه الله، فقد كان فاسقا.
وكان أبو زرعة الرّازىّ، يقول (٦): بشر المريسىّ زنديق.
وكان أبو يوسف، يقول له (٦): طلب العلم بالكلام هو الجهل، والجهل بالكلام هو
(١) أى الثقفى، كما فى تاريخ بغداد.
(٢) الطنز: السخرية.
(٣) أى الخطيب البغدادى: انظر: تاريخ بغداد ٦١،٧/ ٦٠.
(٤) تاريخ بغداد ٧/ ٦١.
(٥) فى تاريخ بغداد: «دميم».
(٦) تاريخ بغداد ٧/ ٦١.