قضاءها سنة سبع وسبعين وستمائة؛ بعد القاضى صدر الدّين سليمان، وامتدّت أيّامه إلى أن تسلطن حسام الدّين لاجين، فسار إليه سنة ست وتسعين، فأقبل عليه، وولاّه القضاء بالدّيار المصريّة، وولّى ابنه جلال الدّين مكانه بدمشق، وبقى معظّما وافر الحرمة إلى أن قتل لاجين وهو عنده، فلمّا ضربوا السلطان بالسيف استغاث وقال: ما يحلّ. فأشاروا إليه بالسّيوف، فاختبأ هناك، واشتغلوا عنه بالسّلطان، ولمّا زالت دولة لاجين قدم إلى دمشق على مناصبه وقضائه، وعزل ولده.
ولم يزل على حاله إلى أن خرج (١) إلى الغزاة (١)، وشهد المصافّ بوادى الخازندار، فى سنة تسع وتسعين وستمائة، فى شهر ربيع الأوّل، وكان ذلك آخر العهد به، وأصابت الرّزيّة الرّازى، وكان فى غنية عن قراءة الملاحم والمغازى.
قال الشيخ شمس الدين الذّهبىّ: والأصحّ أنّه لم يقتل بالغزاة، وصحّ مروره مع المنهزمين، وأنّه أسر وبيع للفرنج، وأدخل إلى قبرس، هو وجمال الدّين المطروحىّ.
وقيل: إنّه تعاطى الطبّ والعلاج، وإنّه جلس يطبّ بقبرس وهو فى الأسر، ولكنّ ذلك لم يثبت.
قال-أعنى الصّفدىّ -: وقلت بناء على صحّة هذه الدّعوى:
إنّ حال الرّازىّ بين البرايا … حالة لم نجد عليها مثالا
كان قاضى القضاة شاما ومصرا … ثم فى قبرس غدا كحّالا
/ثم قال: الله أكرم وأرحم من أن يمشى أحدا من أهل العلم الشريف إلى ورا، وأن يردّه فى آخر عمره القهقرى.
قال ابن حجر: وكان الحسام ممّن قام فى الإنكار، فى قصّة الكاتب النّصرانىّ، كاتب عسّاف (٢) أمير العرب، وكان نقل عنه أنّه وقع فى حقّ النبىّ ﷺ، فقام فى أمره تقىّ الدّين ابن تيميّة، وزين الدين الفارقىّ، وعقد بسبب ذلك مجالس، وتعصّب الشمس الأعسر شادّ (٣) الدّواوين للنّصرانىّ، فما وسع النّصرانىّ لمّا خشى على نفسه إلاّ أنّه
(١ - ١) فى ن: «للغزاة»، والمثبت فى: س، ط.
(٢) فى س: «غسان»، والمثبت فى: ط، ن، ورفع الإصر ١/ ١٨٤.
(٣) فى س، ط: «الأغسرشاد»، والمثبت فى: ن، ورفع الإصر ١/ ١٨٥.