بعضهم فعاقبه، ثم شيّعه إلى منزله بالصّالحيّة (١)، فاقتحم العوامّ عليه بيته، فنهبوه، وكانت وقعة (٢) شنيعة، ثم اقتضى رأى أهل (٣) الدّولة أن أخرجوه من القاهرة، وشيّعوه على أقبح صورة.
وكان سبب تسليط العامّة عليه أنّه أفتى بقتل سلطان ذلك الوقت (٤).
ويحكى عنه من السّخف أنّ المرأة كانت إذا تحاكمت إليه مع زوجها ينظر إليها، ويفحش فى مخاطبتها، حتى قال لامرأة مرّة: اكشفى وجهك. فأسفرت، فقال لوالدها:
يا مدمّغ (٥)، مثل هذه تزوّجها بهذا المهر، والله إنّ مبيتها ليلة واحدة يساوى أكثر منه.
وكان يعاقب بالضّرب الشديد، والتّعزير العنيف، قيل: إنّه مرّ برجل راكب وفى يده فرّوجان، وقد جعل رجلهما بيده، ورءوسهما منكسّة، فلمّا رآه وقف وطلب الرّسل فأخذوا الرجل، وأحضروه إلى الصّالحيّة، فقال له: كيف يحلّ لك أن تأخذ حيوانا تجعل رجليه فى يدك، ورأسه إلى أسفل، اصلبوا هذا حتى يعرف إن كان هذا الفعل يضرّ، فحصلت فيه شفاعة، فاختصر أمره على أن ضربه ضربا مؤلما.
وهو أوّل من أمر أن يكتب فى المسطور أربعة من الشّهود، وأن يكتبوا سكن المديون.
ولمّا أخرج (٦) من مصر سكن دمشق مدّة، ثم توجّه إلى بغداد، وولى تدريس مشهد أبى حنيفة، رضى الله تعالى عنه.
هكذا نقلت هذه التّرجمة من «الدّرر الكامنة، فى أعيان المائة الثامنة»، و «رفع الإصر، عن قضاة مصر»، كلاهما لابن حجر، بعضها تلخيصا، وبعضها نقلا بالحروف، والعهدة فى جميع ذلك عليه، وما أظنّه يخلو من شائبة تعصّب.
(١) زيادة من: س، والدرر الكامنة، على ما فى: ط، ن.
وهو يعنى منزله بالمدرسة الصالحية، وكان ينزل بها.
(٢) فى س: «واقعته»، والمثبت فى: ط، ن.
(٣) زيادة من: «س»، على ما فى: ط، ن.
(٤) كان السلطان زمن هذه الحادثة-وهو سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة-هو الناصر أحمد بن محمد بن قلاوون.
نظر النجوم الزاهرة ١٠/ ٥٠.
(٥) المدمغ: الأحمق. قال المجد: من لحن العوام، وصوابه الدميغ. القاموس (د م غ).
(٦) فى س: «خرج»، والمثبت فى: ط، ن.