أبا طالب ساجل به كلّ مغرق … ولا غرو أن يشأى الجواد المطهّم (١)
ودوما دوام النّيّرين فأنتما … لكفّ النّدى قلب نفيس ومعصم
ولولا كما كان العراق منغّصا … إلىّ ولم أحمده وهو مذمّم
وما خلتنى الغرّ وفى النّاس عالم … ويرزق بى أهل القريض وأحرم
هربت فظنّ الغمر أنّى يراعة … وقد يحجم المغلوب من حيث يقدم (٢)
وما عرّف التّبريز فالصّمت منطق … صرامة حدّ السيف فى الغمد تعلم
/لفقد المعانى أصبح الشّعر كاسدا … هو السّلك وهو الدّرّ فى السّلك ينظم
تهون القوافى عند من هان عرضه … وفيهنّ جرح للكريم ومرهم
ولكن إذا لم يكرم العلم أهله … فكيف يرجّى فى الأجانب مكرم
توسّمت فى الدنيا الأناة إنّما … يرى الغامضات الفارس المتوسّم
وقال أيضا يمدحه:
تصابى فى المشيب ومن تصابى … كما فى غمده الهندىّ صابا
وما لمع ابيضاض الشّيب إلاّ … ليورده من العيش الشّرابا
أمارات التّناقص لا توارى … وطوع يد الحوادث لا يحابى (٣)
لترتيب الحياة أشدّ خطبا … جنى عسلا وصبّ عليه صابا
ولو خيّرت لم يكن اختيارى … سوى أن يسبق الشّيب الشّبابا
قطاة فى الهداية كان فودى … وإن سمّته بعثته غرابا
لقد رفع الشّباب وكان بينى … وبين وصال من أهوى حجابا
ألا لا يكشفن برد الثّنايا … فلو قبّلته نفسى لذابا
وليس لوصل من يدعى فيأتى … عذوبة وصل من يدعى فيابى
يقول الناس ما أوجفت خيلا … على متهضّميك ولا ركابا
بشعرك أم بشعرك لاح شيب … فقلت كلاهما ضعفا وشابا
وذاك لأنّ ريح الظّلم هبّت … عليه فصار أمدحه عتابا
(١) فى الأصول: «أيا طالب ساحل به كل مغرق» ولعل الصواب ما أثبته. ويشأى الجواد: يسبق.
(٢) اليراعة: الجبان.
(٣) فى ط: «أمارات التناقص لا تورى»، وفى ن: «أمارات التناقص لا توارى». ولعل الصواب ما أثبته. وفى النسختين: «لا يجابا»