وروى عنه بسند آخر، أنه قال: ولد أبو حنيفة سنه ثمانين بلا مائة، ومات سنة خمسين ومائة، عاش سبعين سنة.
واختلف فى الشهر الذى مات فيه، فقال بعضهم: فى شعبان. وقال بعضهم: فى رجب. وعن أبى يوسف: أنه مات فى النصف من شوال.
وكانت وفاته بمدينة بغداد، ودفن بالجانب الشّرقىّ منها فى مقبرة الخيزران، وقبره هناك ظاهر معروف مقصود بالزيارة.
وقال ابن خلّكان (١): وبنى شرف الملك أبو سعد محمّد بن منصور الخوارزمىّ، مستوفى مملكة السلطان ملك شاه السّلجوقىّ، على قبره مشهدا وقبّة، وبنى عنده مدرسة كبيرة للحنفيّة،/ولما فرغ من عمارة ذلك، ركب إليها فى جماعة من الأعيان ليشاهدوها، فبينما هم هناك إذ دخل عليهم الشريف أبو جعفر مسعود المعروف بالبياضىّ (٢)، وأنشد (٣):
ألم تر أنّ العلم كان مبدّدا … فجمّعه هذا المغيّب فى اللّحد
كذلك كانت هذه الأرض ميتة … فأنشرها فعل العميد أبى سعد (٤)
فأجازه أبو سعد بجائزة سنيّة.
وكان بناء المشهد والقبّة، فى سنة تسع وخمسين وأربعمائة.
وقيل: الذى بنى ذلك ألب أرسلان محمّد، والد السّلطان ملك شاه.
قال ابن خلّكان: والظاهر أن أبا سعد بناهما نيابة عن ألب أرسلان المذكور، وهو كان
(١) وفيات الأعيان ٤١٥،٥/ ٤١٤.
(٢) فى ط، ن: «بالبياض»، والتصويب من: ص، ووفيات الأعيان.
وهو أبو جعفر مسعود بن عبد العزيز البياضى، من شعراء دمية القصر.
توفى سنة ثمان وستين وأربعمائة.
دمية القصر (تحقيقى) ١/ ٣٧٣.
(٣) البيتان فى مناقب الإمام الأعظم ٢/ ١٩٤، ومناقب الكردرى ٢/ ٣٣، وهما فى المصدرين للشريف أبى جعفر مسعود ابن أبى المحسن العباسى، وفى الاسم خطأ كما ترى.
(٤) فى مناقب الإمام الأعظم، ومناقب الكردى: «جود العميد».