ثم قال: أرى صفّا عن يمينى، فيهم أبو بكر وسعد، وصورهم جميلة، وعليهم ثياب بيض، وصفّا عن شمالى، وصورهم قبيحة، أبدان بلا رءوس، ورءوس بلا أبدان، وهؤلاء يطلبوننى، (١) وهؤلاء لا يطلبوننى (١). وأنا أريد أروح إلى أهل اليمين.
ثم أغفى إغفاءة، ثم استيقظ، وقال: الحمد لله، خلصت، خلصت (٢) منهم. ثم مات، رحمه الله تعالى.
ولقد كان واسع النّفس، محبّا للعلماء، مقرّبا لهم، محسنا إلى من يقدم عليه منهم، كثير العطاء لهم.
قدم عليه راجح الحلّىّ (٣)، شاعر الملك الظّاهر غازى بن صلاح الدين يوسف بن أيوب، ومدحه بقصيدته التى أوّلها:
أمنكم خطرت مسكيّة النّفس … صبا تلقّيت منها برد منتكس
فأعطاه ألف دينار، وقماشا وأثاثا بألف أخرى.
وانقطع إليه الإمام العلاّمة شمس الدين الخسروشاهيّ (٤)، ووصل إليه منه أموال جمّة.
ولا بأس بإيراد (٥) شئ يسير من نظمه البديع، فمنه قوله:
عيون عن السّحر المبين تبين … لها عند تحريك القلوب سكون
تصول ببيض وهى سود فرندها … فتور ذبول والجفون جفون
إذا أبصرت قلبا خليا من الهوى … تقول له كن مغرما فيكون
(١ - ١) سقط من: ن.
(٢) سقط من: ن.
(٣) شرف الدين راجح بن إسماعيل الحلى، صدر نبيل، مدح الملوك بمصر والشام والجزيرة، وسار شعره، وتوفى سنة سبع وعشرين وستمائة.
شذرات الذهب ٥/ ١٢٣، العبر ٥/ ١٠٨، فوات الوفيات ٢١٩،١/ ٢١٨، النجوم الزاهرة ٦/ ٢٧٥.
(٤) شمس الدين عبد الحميد بن عيسى بن عموية الخسروشاهى الشافعى، ولد سنة ثمانين وخمسمائة، وكان فقيها، أصوليا، متكلما، محققا، بارعا فى المعقولات، توفى سنة اثنتين وخمسين وستمائة.
طبقات الشافعية الكبرى ١٦٢،٨/ ١٦١.
(٥) فى ط: «من إيراد».