يحمل غداءه معه، ويتصدّق به فى الطريق، ويرجع إلى أهله يفطر عشاء، لا يعلمون أنّه صائم.
وقيل: احتجم داود الطّائىّ، فدفع إلى الحجّام دينارا، فقيل له: هذا إسراف.
فقال: لا عبادة لمن لا مروءة له.
وكان محارب بن دثار، يقول: لو كان داود فى الأمم الماضية لقصّ الله علينا من خبره.
وكان ابن المبارك، يقول: وهل الأمر إلاّ ما كان عليه داود.
وعن محمد بن الحسن، أنه قال: كنت آتى داود الطّائىّ فى بيته، فأسأله عن المسألة، فإن وقع فى قلبه أنها ممّا أحتاج إليه لأمر دينى أجابنى فيها، وإن وقع فى قلبه أنّها من مسائلنا هذه تبسّم فى وجهى، وقال: إنّ لنا شغلا (١)، إنّ لنا شغلا.
قال أبو نعيم: مات سنة ستين ومائة.
وقال الذّهبىّ: سنة اثنتين وستين ومائة، وقيل: سنة ستين (٢).
وحدّث إسحاق بن منصور السّلولىّ، قال: لمّا مات داود الطائىّ شيّع جنازته الناس، فلمّا دفن قام ابن السّمّاك على قبره، فقال: يا داود، كنت تسهر ليلك (٣) إذ الناس ينامون.
فقال الناس جميعا: صدقت. وكنت تربح إذ الناس يخسرون. فقال الناس: صدقت.
وكنت تسلم إذ الناس يخوضون. فقال الناس: صدقت. حتى عدّد فضائله كلّها.
فلما فرغ قام أبو بكر النّهشلىّ، فحمد الله، ثم قال: يا ربّ (٤) إنّ الناس قد قالوا ما عندهم مبلغ ما علموا، اللهمّ فاغفر له برحمتك، ولا تكله إلى عمله.
قال بعض الصّلحاء: رأيت داود الطائىّ فى منامى، فقلت: أبا سليمان كيف رأيت خير الآخرة؟.
(١) فى ن: «لشغلا» والمثبت فى: ط، والجواهر المضية ٢/ ١٩٥.
(٢) فى ط زيادة: «ومائة» والمثبت فى: ن، وهو منقول عن العبر.
(٣) فى ن: «والليل»، والمثبت فى: ط، وتاريخ بغداد ٨/ ٣٥٥.
(٤) تكملة من: تاريخ بغداد ٨/ ٣٥٥.