بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ مِنْ إضَافَةِ الْحُكْمِ لِشَرْطِهِ وَالْفِطْرُ لَفْظٌ إسْلَامِيٌّ وَالْفِطْرَةُ مُوَلَّدٌ، بَلْ قِيلَ لَحْنٌ
ــ
رد المحتار
مَطْلَبٌ: الْأَفْضَلُ عَلَى أَنْ يَنْوِيَ بِالصَّدَقَةِ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ خَاتِمَةٌ اعْلَمْ أَنَّ الصَّدَقَةَ تُسْتَحَبُّ بِفَاضِلٍ عَنْ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ مَنْ يَمُونُهُ، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِمَا يُنْقِصُ مُؤْنَةَ مَنْ يَمُونُهُ أَثِمَ، وَمَنْ أَرَادَ التَّصَدُّقَ بِمَالِهِ كُلِّهِ وَهُوَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ حُسْنُ التَّوَكُّلِ وَالصَّبْرِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، وَيُكْرَهُ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى الضِّيقِ أَنْ يُنْقِصَ نَفَقَةَ نَفْسِهِ عَنْ الْكِفَايَةِ التَّامَّةِ كَذَا فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ الْأَفْضَلُ لِمَنْ يَتَصَدَّقُ نَفْلًا أَنْ يَنْوِيَ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ؛ لِأَنَّهَا تَصِلُ إلَيْهِمْ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ اهـ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ
ِ وَجْهُ مُنَاسَبَتِهَا بِالزَّكَاةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ الْوَظَائِفِ الْمَالِيَّةِ وَأَوْرَدَهَا فِي الْمَبْسُوطِ بَعْدَ الصَّوْمِ بِاعْتِبَارِ تَرْتِيبِ الْوُجُودِ أَوْرَدَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا رِعَايَةً لِجَانِبِ الصَّدَقَةِ وَرَجَّحَهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْكَلَامِ الْمُضَافُ لَا الْمُضَافُ إلَيْهِ خُصُوصًا إذَا كَانَ الْمُضَافُ إلَيْهِ شَرْطًا وَحَقُّهَا أَنْ تُقَدَّمَ عَلَى الْعُشْرِ؛ لِأَنَّهُ مُؤْنَةٌ فِيهَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ وَهَذِهِ بِالْعَكْسِ إلَّا أَنَّهُ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَهِيَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الزَّكَاةِ، وَالْمُرَادُ بِالْفِطْرِ يَوْمُهُ لَا الْفِطْرُ اللُّغَوِيُّ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَسُمِّيَتْ صَدَقَةً وَهِيَ الْعَطِيَّةُ الَّتِي يُرَادُ بِهَا الْمَثُوبَةُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهَا تُظْهِرُ صِدْقَ الرَّجُلِ كَالصَّدَاقِ يُظْهِرُ صِدْقَ الرَّجُلِ فِي الْمَرْأَةِ مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ: مِنْ إضَافَةِ الْحُكْمِ لِشَرْطِهِ) الْمُرَادُ بِالْحُكْمِ وُجُوبُ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهُ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ فَيَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ وُجُوبُ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي شَرْطُهُ الْفِطْرُ لَا نَفْسُ الْوُجُوبِ الَّذِي مَنَاطُهُ وُجُودُ السَّبَبِ وَهُوَ الرَّأْسُ ح.
وَفِي الْبَحْرِ وَالْإِضَافَةُ فِيهَا مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى شَرْطِهِ وَهُوَ مَجَازٌ؛ لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ إضَافَةُ الْحُكْمِ إلَى سَبَبِهِ وَهُوَ الرَّأْسُ اهـ أَيْ؛ لِأَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ لِأَدْنَى مُنَاسَبَةٍ مِثْلُ كَوْكَبِ الْخَرْقَاءِ وَعَلَى الثَّانِي بِمَعْنَى اللَّامِ الِاخْتِصَاصِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْفِطْرُ لَفْظٌ إسْلَامِيٌّ) اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ كَأَنَّهُ مِنْ الْفِطْرَةِ بِمَعْنَى الْخِلْقَةِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ تَبَعًا لِلزَّيْلَعِيِّ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْفِطْرَ الْمُضَافَ إلَيْهِ الصَّدَقَةُ الَّذِي هُوَ اسْمٌ لِلْيَوْمِ الْمَخْصُوصِ لَفْظٌ شَرْعِيٌّ أَيْ إطْلَاقُهُ عَلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ بِخُصُوصِهِ اصْطِلَاحٌ شَرْعِيٌّ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْفِطْرَ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الصَّوْمِ لُغَوِيٌّ مُسْتَعْمَلٌ قَبْلَ الشَّرْعِ أَوْ مُرَادُهُ لَفْظُ الْفِطْرَةِ بِالتَّاءِ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ فَفِي النَّهْرِ عَنْ شَرْحِ الْوِقَايَةِ أَنَّ لَفْظَ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ مُوَلَّدٌ حَتَّى عَدَّهُ بَعْضُهُمْ مِنْ لَحْنِ الْعَامَّةِ. اهـ.
أَيْ أَنَّ الْفِطْرَةَ الْمُرَادَ بِهَا الصَّدَقَةُ غَيْرُ لُغَوِيَّةٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَأْتِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَأَمَّا مَا فِي الْقَامُوسِ مِنْ أَنَّ الْفِطْرَةَ بِالْكَسْرِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَالْخِلْقَةِ فَاعْتَرَضَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَخْرَجَ لَمْ يُعْلَمْ إلَّا مِنْ الشَّارِعِ وَقَدْ عُدَّ مِنْ غَلَطِ الْقَامُوسِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِيهِ مِنْ خَلْطِ الْحَقَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ بِاللُّغَوِيَّةِ اهـ لَكِنْ فِي الْمُغْرِبِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ: الْفِطْرَةُ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ فَمَعْنَاهَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ، وَقَدْ جَاءَتْ فِي عِبَارَاتِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ مِنْ طَرِيقِ اللُّغَةِ وَإِنْ لَمْ أَجِدْهَا فِيمَا عِنْدِي مِنْ الْأُصُولِ اهـ وَفِي تَحْرِير النَّوَوِيِّ: هِيَ اسْمٌ مُوَلَّدٌ