وَنَيْرُوزَ وَمِهْرَجَانٍ إنْ تَعَمَّدْهُ وَصَوْمِ دَهْرِهِ وَصَوْمِ صَمْتٍ وَوِصَالٍ وَإِنْ أَفْطَرَ الْأَيَّامَ الْخَمْسَةَ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي الْمُحِيطِ فَهِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ. .
وَأَنْوَاعُهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ: سَبْعَةٌ مُتَتَابِعَةٌ رَمَضَانُ وَكَفَّارَةُ ظِهَارٍ وَقَتْلٍ وَيَمِينٍ وَإِفْطَارِ رَمَضَانَ وَنَذْرٌ مُعَيَّنٌ وَاعْتِكَافٌ
ــ
رد المحتار
إلَّا إذَا وَافَقَ يَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ قَبْلُ؛ كَمَا لَوْ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا أَوْ كَانَ يَصُومُ أَوَّلَ الشَّهْرِ مَثَلًا فَوَافَقَ يَوْمًا مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ وَأَفَادَ قَوْلُهُ وَحْدَهُ أَنَّهُ لَوْ صَامَ مَعَهُ يَوْمًا آخَرَ فَلَا كَرَاهَةَ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي تَخْصِيصِهِ بِالصَّوْمِ لِلتَّشَبُّهِ وَهَلْ إذَا صَامَ السَّبْتَ مَعَ الْأَحَدِ تَزُولُ الْكَرَاهَةُ؟ مَحَلُّ تَرَدُّدٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّ كُلَّ يَوْمٍ مِنْهُمَا مُعَظَّمٌ عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَفِي صَوْمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَشَبُّهٌ بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ.
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ صَوْمَهُمَا مَعًا لَيْسَ فِيهِ تَشَبُّهٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَتَّفِقْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَلَى تَعْظِيمِهِمَا مَعًا وَيَظْهَرُ لِي الثَّانِي بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ صَامَ الْأَحَدَ مَعَ الِاثْنَيْنِ تَزُولُ الْكَرَاهَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَظِّمْ أَحَدٌ مِنْهُمْ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ مَعًا وَإِنْ عَظَّمَتْ النَّصَارَى الْأَحَدَ وَكَذَا لَوْ صَامَ مَعَ عَاشُورَاءَ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ مَعَ أَنَّ الْيَهُودَ تُعَظِّمُهُ.
وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ جَاءَ عَاشُورَاءُ يَوْمَ الْأَحَدِ أَوْ الْجُمُعَةِ لَا يُكْرَهُ صَوْمُ السَّبْتِ مَعَهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ يَوْمُ الْمِهْرَجَانِ أَوْ النَّيْرُوزِ لِعَدَمِ تَعَمُّدِ صَوْمِهِ بِخُصُوصِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَنَيْرُوزَ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْيَاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ مُعَرَّبُ نُورُوزْ، وَمَعْنَاهُ الْيَوْمُ الْجَدِيدُ فَنُو بِمَعْنَى الْجَدِيدِ وَرُوزْ بِمَعْنَى الْيَوْمِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ يَوْمٌ تَحِلُّ فِيهِ الشَّمْسُ بُرْجَ الْحَمَلِ وَمِهْرَجَانُ مُعَرَّبُ مهركان وَالْمُرَادُ مِنْهُ أَوَّلُ حُلُولُ الشَّمْسِ فِي الْمِيزَانِ وَهَذَانِ الْيَوْمَانِ عِيدَانِ لِلْفُرْسِ. اهـ.
ح (قَوْلُهُ: إنْ تَعَمَّدْهُ) كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ قَالَ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَصُومُ قَبْلَهُ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَصُومَ وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَصُومَ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ تَعْظِيمَ هَذَا الْيَوْمِ وَأَنَّهُ حَرَامٌ (قَوْلُهُ وَصَوْمِ صَمْتٍ) وَهُوَ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِالْمَجُوسِ فَإِنَّهُمْ يَفْعَلُونَ هَكَذَا مُحِيطٌ قَالَ فِي الْإِمْدَادِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِخَيْرٍ وَبِحَاجَةٍ دَعَتْ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَوِصَالٍ) فَسَّرَهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ بِصَوْمِ يَوْمَيْنِ لَا فِطْرَ بَيْنَهُمَا بَحْرٌ وَفَسَّرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ بِأَنْ يَصُومَ السَّنَةَ وَلَا يُفْطِرُ فِي الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا أَفْطَرَ فِي الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَفْطَرَ الْأَيَّامَ الْخَمْسَةَ) أَيْ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ صَاحِبَيْهِ يَقُولَانِ بِخِلَافِهِ وَظَاهِرُ الْبَدَائِعِ أَنَّ الْمُخَالِفَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: مَنْ صَامَ سَائِرَ الدَّهْرِ وَأَفْطَرَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ نَهْيِ الْوِصَالِ وَرَدَّ عَلَيْهِ أَبُو يُوسُف فَقَالَ: وَلَيْسَ هَذَا عِنْدِي كَمَا قَالَ هَذَا قَدْ صَامَ الدَّهْرَ كَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ لَيْسَ لِصَوْمِ هَذِهِ الْأَيَّامِ بَلْ لِمَا يُضْعِفُهُ عَنْ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالْكَسْبِ الَّذِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَهِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ يَعُمُّ السُّنَّةَ وَالْمَنْدُوبَ وَالْمَكْرُوهَ أَيْ فَصَارَ جُمْلَةُ مَا دَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَنَفْلٌ خَمْسَةَ عَشَرَ بِجَعْلِ الْعِيدَيْنِ اثْنَيْنِ، وَجَعْلِ يَوْمِ الْأَحَدِ مِنْهَا عَلَى مَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ فَافْهَمْ.
لَكِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَكْرُوهِ تَحْرِيمًا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَصَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ، وَمِنْ الْمَكْرُوهِ أَيْضًا صَوْمُ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالْأَجِيرِ بِلَا إذْنِ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى وَالْمُسْتَأْجِرِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ نَوَى مُسَافِرٌ الْفِطْرَ، وَمِنْ الْمَنْدُوبِ صَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَصَوْمُ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَالسِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ عَلَى مَا يَأْتِي قُبَيْلَ الِاعْتِكَافِ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْوَاعُهُ) أَيْ أَنْوَاعُ الصِّيَامِ اللَّازِمِ (قَوْلُهُ: سَبْعَةٌ مُتَتَابِعَةٌ) عَدَّهَا فِي الْبَحْرِ سَبْعَةً أَيْضًا لَكِنْ أَسْقَطَ صَوْمَ الِاعْتِكَافِ وَذَكَرَ بَدَلَهُ صَوْمَ الْيَمِينِ الْمُعَيَّنِ كَأَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ لَأَصُومَنَّ رَجَبًا مَثَلًا وَكَأَنَّ الشَّارِحَ أَدْخَلَهُ تَحْتَ النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ بِجَامِعِ الْإِيجَابِ قَوْلًا ثُمَّ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيَلْحَقُ بِهِ النَّذْرُ الْمُطْلَقُ إذَا ذَكَرَ فِيهِ التَّتَابُعَ أَوْ نَوَاهُ وَذَكَرَ أَنَّهُ إذَا أَفْطَرَ يَوْمًا فِيمَا يَجِبُ فِيهِ التَّتَابُعُ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ إنْ كَانَ التَّتَابُعُ مَأْمُورًا بِهِ لِأَجْلِ الْوَقْتِ وَهُوَ رَمَضَانُ وَالنَّذْرُ الْمُعَيَّنُ وَالْيَمِينُ بِصَوْمٍ مُعَيَّنٍ وَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِهِ لِأَجْلِ الْفِعْلِ وَهُوَ الصَّوْمُ يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ كَالسِّتَّةِ الْبَاقِيَةِ.