(لِلضَّرُورَةِ) وَلَوْ رَآهُ الْحَاكِمُ وَحْدَهُ خُيِّرَ فِي الصَّوْمِ بَيْنَ نَصْبِ شَاهِدٍ وَبَيْنِ أَمْرِهِمْ بِالصَّوْمِ بِخِلَافِ الْعِيدِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ، وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْمُؤَقِّتِينَ، وَلَوْ عُدُولًا عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَقَوْلُ أُولَى التَّوْقِيتِ لَيْسَ بِمُوجِبٍ وَقِيلَ نَعَمْ وَالْبَعْضُ إنْ كَانَ يَكْثُرُ
(وَ) قُبِلَ (بِلَا عِلَّةٍ
ــ
رد المحتار
قَيْدٌ لِقَوْلِهِ صَامُوا وَأَفْطَرُوا (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) أَيْ ضَرُورَةِ عَدَمِ وُجُودِ حَاكِمٍ يَشْهَدُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: بَيْنَ نَصْبِ شَاهِدٍ) أَيْ يُحَمِّلَهُ شَهَادَتَهُ أَفَادَهُ ح لَكِنَّ عِبَارَةَ الْجَوْهَرَةِ بَيْنَ أَنْ يَنْصِبَ مَنْ يَشْهَدُ عِنْدَهُ إلَخْ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى: أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْصِبُ رَجُلًا نَائِبًا عَنْهُ لِيَشْهَدَ عِنْدَ ذَلِكَ النَّائِبِ كَمَا قَالُوا فِيمَا لَوْ وَقَعَتْ لِلْحَاكِمِ خُصُومَةٌ مَعَ آخَرَ يَنْصِبُ نَائِبًا لِيَتَحَاكَمَا عِنْدَهُ إذْ لَا يَصِحُّ حُكْمُهُ لِنَفْسِهِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ نَائِبٌ بَدَلَ شَاهِدٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعِيدِ) أَيْ هِلَالِ الْعِيدِ إذْ لَا يَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ.
مَطْلَبٌ لَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْمُؤَقِّتِينَ فِي الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْمُؤَقَّتَيْنِ) أَيْ فِي وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى النَّاسِ بَلْ فِي الْمِعْرَاجِ لَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُمْ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُنَجِّمِ أَنْ يَعْمَلَ بِحِسَابِ نَفْسِهِ، وَفِي النَّهْرِ فَلَا يَلْزَمُ بِقَوْلِ الْمُؤَقِّتِينَ أَنَّهُ أَيْ الْهِلَالَ يَكُونُ فِي السَّمَاءِ لَيْلَةَ كَذَا وَإِنْ كَانُوا عُدُولًا فِي الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْإِيضَاحِ وَلِلْإِمَامِ السُّبْكِيّ الشَّافِعِيِّ تَأْلِيفٌ مَالَ فِيهِ إلَى اعْتِمَادِ قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ الْحِسَابَ قَطْعِيٌّ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ.
مَطْلَبٌ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ الِاعْتِمَادِ عَلَى قَوْلِ الْحِسَابِ مَرْدُودٌ قُلْت مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ رَدَّهُ مُتَأَخِّرُو أَهْلِ مَذْهَبِهِ مِنْهُمْ ابْنُ حَجَرٍ وَالرَّمْلِيُّ فِي شَرْحَيْ الْمِنْهَاجِ، وَفِي فَتَاوَى الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ الْكَبِيرِ الشَّافِعِيِّ: سُئِلَ عَنْ قَوْلِ السُّبْكِيّ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ الشَّهْرِ وَقَالَ الْحِسَابُ بِعَدَمِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عُمِلَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْحِسَابِ؛ لِأَنَّ الْحِسَابَ قَطْعِيٌّ وَالشَّهَادَةُ ظَنِّيَّةٌ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَا قَالَهُ أَمْ لَا وَفِيمَا إذَا رُئِيَ الْهِلَالُ نَهَارًا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يَوْمَ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الشَّهْرِ، وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ، فَهَلْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْهِلَالَ إذَا كَانَ الشَّهْرُ كَامِلًا يَغِيبُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ نَاقِصًا يَغِيبُ لَيْلَةً أَوْ غَابَ الْهِلَالُ اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ لِسُقُوطِ الْقَمَرِ الثَّالِثَةَ» هَلْ يُعْمَلُ بِالشَّهَادَةِ أَمْ لَا؟ .
فَأَجَابَ: بِأَنَّ الْمَعْمُولَ بِهِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ نَزَّلَهَا الشَّارِعُ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ وَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مَرْدُودٌ رَدَّهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَيْسَ فِي الْعَمَلِ بِالْبَيِّنَةِ مُخَالَفَةٌ لِصَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَجْهُ مَا قُلْنَاهُ أَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَعْتَمِدْ الْحِسَابَ، بَلْ أَلْغَاهُ بِالْكُلِّيَّةِ بِقَوْلِهِ «نَحْنُ أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسِبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا» وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: الْحِسَابُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ انْتَهَى.
وَالِاحْتِمَالَاتُ الَّتِي ذَكَرَهَا السُّبْكِيُّ بِقَوْلِهِ وَلِأَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ إلَخْ لَا أَثَرَ لَهَا شَرْعًا لِإِمْكَانِ وُجُودِهَا فِي غَيْرِهَا مِنْ الشَّهَادَاتِ اهـ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ نَعَمْ إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّهُ قِيلَ بِأَنَّهُ مُوجِبٌ لِلْعَمَلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْخِلَافُ فِي جَوَازِ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ حَكَى فِي الْقُنْيَةِ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ فَنَقَلَ أَوَّلًا عَنْ الْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَصَاحِبِ جَمْعِ الْعُلُومِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالِاعْتِمَادِ عَلَى قَوْلِهِمْ، وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ مُقَاتِلٍ أَنَّهُ كَانَ يَسْأَلُهُمْ وَيَعْتَمِدُ عَلَى قَوْلِهِمْ إذَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ شَرْحِ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ يُعِيدُ وَعَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ: أَنَّ الشَّرْطَ فِي وُجُوبِ الصَّوْمِ وَالْإِفْطَارِ الرُّؤْيَةُ، وَلَا يُؤْخَذُ فِيهِ بِقَوْلِهِمْ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ مَجْدِ الْأَئِمَّةِ التَّرْجُمَانِيِّ أَنَّهُ اتَّفَقَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا النَّادِرُ وَالشَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا اعْتِمَادَ عَلَى قَوْلِهِمْ.
(قَوْلُهُ: وَقُبِلَ بِلَا عِلَّةٍ)