إنْ نَوَى لَيْلًا، وَلَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا وَلَمْ يَطْرَأْ مُسْقِطٌ كَمَرَضٍ وَحَيْضٍ، وَاخْتَلَفَ فِيمَا لَوْ مَرِضَ بِجُرْحِ نَفْسِهِ أَوْ سُوفِرَ بِهِ مَكْرُوهًا وَالْمُعْتَمَدُ لُزُومُهَا وَفِي الْمُعْتَادِ حُمَّى وَحَيْضًا وَالْمُتَيَقِّنِ قِتَالَ عَدُوٍّ لَوْ أَفْطَرَ، وَلَمْ يَحْصُلْ الْعُذْرُ وَالْمُعْتَمَدُ سُقُوطُهَا وَلَوْ تَكَرَّرَ فِطْرُهُ وَلَمْ يُكَفِّرْ لِلْأَوَّلِ يَكْفِيه وَاحِدَةٌ وَلَوْ فِي رَمَضَانَيْنِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ بَزَّازِيَّةٌ وَمُجْتَبَى وَغَيْرُهُمَا وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ لِلْفَتْوَى أَنَّ الْفِطْرَ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ تَدَاخَلَ وَإِلَّا لَا وَلَوْ أَكَلَ عَمْدًا شُهْرَةً بِلَا عُذْرٍ يُقْتَلُ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ.
ــ
رد المحتار
وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ هُنَا الْوَطْءُ لَيْلًا عَمْدًا أَوْ نَهَارًا نَاسِيًا بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: إنْ نَوَى لَيْلًا) أَيْ بِنِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لِمَا مَرَّ مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ فِيهِمَا فَكَانَ شُبْهَةً لِسُقُوطِ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا) أَيْ وَلَوْ عَلَى الْجِمَاعِ كَمَا مَرَّ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُكْرِهَةَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ خِلَافًا لِمَا فِي الِاخْتِيَارِ مِنْ وُجُوبِهَا عَلَيْهِمَا لَوْ لِإِكْرَاهٍ مِنْهَا كَمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَطْرَأْ) أَيْ بَعْدَ إفْطَارِهِ عَمْدًا مُقِيمًا نَاوِيًا لَيْلًا فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ لَوْلَا الْمُسْقِطُ (قَوْلُهُ: مُسْقِطٌ) أَيْ سَمَاوِيٌّ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ وَلَا فِي سَبَبِهِ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ: كَمَرَضٍ) أَيْ مُبِيحٍ لِلْإِفْطَارِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ لُزُومُهَا) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ عَبْدٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: عَدَمُ سُقُوطِهَا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ لَازِمَةً وَالْخِلَافُ فِي سُقُوطِهَا وَقَيَّدَ بِالسَّفَرِ مُكْرَهًا إذْ لَوْ سَافَرَ طَائِعًا بَعْدَمَا أَفْطَرَ اتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَلَى عَدَمِ سُقُوطِهَا.
أَمَّا لَوْ أَفْطَرَ بَعْدَ مَا سَافَرَ لَمْ تَجِبْ نَهْرٌ أَيْ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ لَوْ سَافَرَ بَعْدَ الْفَجْرِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُعْتَادِ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا وَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ فِيهِ ضَمِيرٌ هُوَ نَائِبُ الْفَاعِلِ عَائِدٌ عَلَى الْمَوْصُوفِ: أَيْ الشَّخْصِ الْمُعْتَادِ وَحُمَّى بِغَيْرِ تَنْوِينٍ مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ بِفَتْحَةٍ مُقَدَّرَةٍ عَلَى أَلْفِ التَّأْنِيثِ الْمَقْصُورَةِ وَحَيْضًا مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ أَيْ وَاخْتَلَفَ فِي الشَّخْصِ الَّذِي اعْتَادَ حُمَّى وَحَيْضًا وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَحَيْضٌ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ أَوْ مَجْرُورٌ لَكِنَّ الْجَرَّ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ الْوَصْفِ الْمُفْرَدِ إلَى مَعْمُولِهِ الْمُجَرَّدِ مِنْ أَلْ لَا تَجُوزُ وَأَمَّا الرَّفْعُ فَعَلَى إسْنَادِ الْمُعْتَادِ إلَى الْحُمَّى وَالْحَيْضِ أَيْ الَّذِي اعْتَادَهُ حُمَّى وَحَيْضٌ وَالْأَصْوَبُ النَّصْبُ وَقَوْلُهُ: وَالْمُتَيَقِّنِ اسْمُ فَاعِلٍ مَجْرُورٌ بِالْعَطْفِ عَلَى مُعْتَادٍ وَقِتَالَ مَفْعُولٌ (قَوْلُهُ: لَوْ أَفْطَرَ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْمُعْتَادِ وَالْمُتَيَقِّنِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ سُقُوطُهَا) كَذَا صَحَّحَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَاضِي خَانَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي الْمُعْتَادِ حُمَّى وَحَيْضًا وَشَبَّهَهُ بِمَنْ أَفْطَرَ عَلَى ظَنِّ الْغُرُوبِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَدَمُهُ وَعَلَيْهِ مَشَى الشُّرُنْبُلَالِيُّ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا أَفْطَرَتْ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ يَوْمُ حَيْضِهَا فَلَمْ تَحِضْ الْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ كَمَا لَوْ أَفْطَرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ يَوْمُ مَرَضِهِ. اهـ.
وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ جَعْلُ الثَّانِيَةِ مُشَبَّهًا بِهَا؛ لِأَنَّهَا بِالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحَيْضِ فَإِنَّ فِيهَا اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ وَالصَّحِيحُ الْوُجُوبُ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة. اهـ.
وَلِذَا جَزَمَ بِالْوُجُوبِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي السِّرَاجِ وَالْفَيْضِ. وَالْحَاصِلُ: اخْتِلَافُ التَّصْحِيحِ فِيهِمَا وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ خِلَافًا فِي سُقُوطِهَا عَمَّنْ تَيَقَّنَ قِتَالَ عَدُوٍّ وَالْفَرْقُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّ الْقِتَالَ يَحْتَاجُ إلَى تَقَدُّمِ الْإِفْطَارِ لِيَتَقَوَّى بِخِلَافِ الْمَرَضِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُكَفِّرْ لِلْأَوَّلِ) أَمَّا لَوْ كَفَّرَ فَعَلَيْهِ أُخْرَى فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ الزَّجْرَ لَمْ يَحْصُلْ بِالْأُولَى بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَسْرَارِ وَنَقَلَ قَبْلَهُ عَنْ الْجَوْهَرَةِ لَوْ جَامَعَ فِي رَمَضَانَيْنِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ لِلْأُولَى فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. اهـ.
قُلْت: فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ كَمَا تَرَى وَيَتَقَوَّى الثَّانِي بِأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ: إنْ الْفِطْرُ) إنْ شَرْطِيَّةٌ ح (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْفِطْرُ الْمُتَكَرِّرُ فِي يَوْمَيْنِ بِجِمَاعٍ لَا تَتَدَاخَلُ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ لِلْأَوَّلِ لِعِظَمِ الْجِنَايَةِ وَلِذَا أَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ الْكَفَّارَةَ بِهِ دُونَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ (قَوْلُهُ: وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ) قَالَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ:
وَلَوْ أَكَلَ الْإِنْسَانُ عَمْدًا وَشُهْرَةً ... وَلَا عُذْرَ فِيهِ قِيلَ بِالْقَتْلِ يُؤْمَرُ