وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ عِبَادَةً بَدَنِيَّةً فَإِنَّ الْوَصِيَّ يُطْعِمُ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَنْ كُلِّ وَاجِبٍ كَالْفِطْرَةِ وَالْمَالِيَّةِ كَالزَّكَاةِ، يُخْرِجُ عَنْهُ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ وَالْمَرْكَبُ كَالْحَجِّ يُحِجُّ عَنْهُ رَجُلًا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ بَحْرٌ.
(وَلِلشَّيْخِ الْفَانِي الْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ الْفِطْرُ وَيَفْدِي) وُجُوبًا وَلَوْ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَبِلَا تَعَدُّدِ فَقِيرٍ كَالْفِطْرَةِ لَوْ مُوسِرًا وَإِلَّا فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ هَذَا إذَا كَانَ الصَّوْمُ أَصْلًا بِنَفْسِهِ وَخُوطِبَ بِأَدَائِهِ، حَتَّى لَوْ لَزِمَهُ الصَّوْمُ لِكَفَّارَةِ يَمِينٍ أَوْ قَتْلٍ ثُمَّ عَجَزَ لَمْ تَجُزْ الْفِدْيَةُ لِأَنَّ الصَّوْمَ هُنَا بَدَلٌ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ مُسَافِرًا فَمَاتَ قَبْلَ الْإِقَامَةِ لَمْ يَجِبْ الْإِيصَاءُ، وَمَتَى قَدَرَ قَضَى لِأَنَّ اسْتِمْرَارَ الْعَجْزِ شَرْطُ الْخَلْفِيَّةِ وَهَلْ تَكْفِي الْإِبَاحَةُ فِي الْفِدْيَةِ؟ قَوْلَانِ
ــ
رد المحتار
هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِ، أَمَّا الزَّكَاةُ فَقَدْ نَقَلْنَاهُ قَبْلَهُ عَنْ السِّرَاجِ، وَأَمَّا الْحَجُّ فَمُقْتَضَى مَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْحَجِّ عَنْ الْفَتْحِ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْفَاعِلِ وَلِلْمَيِّتِ الثَّوَابُ فَقَطْ، وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَقَدْ مَرَّتْ مَتْنًا (قَوْلُهُ وَالْمَالِيَّةُ) الْأَوْلَى أَوْ مَالِيَّةٌ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْمَرْكَبُ الْأَوْلَى أَوْ مَرْكَبَةٌ.
(قَوْلُهُ وَلِلشَّيْخِ الْفَانِي) أَيْ الَّذِي فَنِيَتْ قُوَّتُهُ أَوْ أَشْرَفَ عَلَى الْفِنَاءِ، وَلِذَا عَرَّفُوهُ بِأَنَّهُ الَّذِي كُلَّ يَوْمٍ فِي نَقْصٍ إلَى أَنْ يَمُوتَ نَهْرٌ، وَمِثْلُهُ مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْكَرْمَانِيِّ: الْمَرِيضُ إذَا تَحَقَّقَ الْيَأْسُ مِنْ الصِّحَّةِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِنْ الْمَرَضِ اهـ وَكَذَا مَا فِي الْبَحْرِ لَوْ نَذَرَ صَوْمَ الْأَبَدِ فَضَعُفَ عَنْ الصَّوْمِ لِاشْتِغَالِهِ بِالْمَعِيشَةِ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ وَيُفْطِرَ لِأَنَّهُ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ الْعَاجِزُ عَنْ الصَّوْمِ) أَيْ عَجْزًا مُسْتَمِرًّا كَمَا يَأْتِي، أَمَّا لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ لِشِدَّةِ الْحَرِّ كَانَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَيَقْضِيَهُ فِي الشِّتَاءِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَيَفْدِي وُجُوبًا) لِأَنَّ عُذْرَهُ لَيْسَ بِعَرَضِيٍّ لِلزَّوَالِ حَتَّى يَصِيرَ إلَى الْقَضَاءِ فَوَجَبَتْ الْفِدْيَةُ نَهْرٌ، ثُمَّ عِبَارَةُ الْكَنْزِ وَهُوَ يَفْدِي إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى غَيْرِهِ الْفِدَاءُ لِأَنَّ نَحْوَ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ فِي عُرْضَةِ الزَّوَالِ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ وَعِنْدَ الْعَجْزِ بِالْمَوْتِ تَجِبُ الْوَصِيَّةُ بِالْفِدْيَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ) أَيْ يُخَيَّرُ بَيْنَ دَفْعِهَا فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَبِلَا تَعَدُّدِ فَقِيرٍ) أَيْ بِخِلَافِ نَحْوِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِلنَّصِّ فِيهَا عَلَى التَّعَدُّدِ، فَلَوْ أَعْطَى هُنَا مِسْكِينًا صَاعًا عَنْ يَوْمَيْنِ جَازَ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُجْزِيهِ كَمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ أَعْطَى نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ عَنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ لِمَسَاكِينَ يَجُوزُ قَالَ الْحَسَنُ وَبِهِ نَأْخُذُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ لَوْ مُوسِرًا) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ يَفْدِي وُجُوبًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ) هَذَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ عَقِيبَ مَسْأَلَةِ نَذْرِ الْأَبَدِ إذَا اشْتَغَلَ عَنْ الصَّوْمِ بِالْمَعِيشَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَيْهَا دُونَ مَا قَبْلَهَا مِنْ مَسْأَلَةِ الشَّيْخِ الْفَانِي لِأَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ بِوَجْهٍ بِخِلَافِ النَّاذِرِ لِأَنَّهُ بِاشْتِغَالِهِ بِالْمَعِيشَةِ عَنْ الصَّوْمِ رُبَّمَا حَصَلَ مِنْهُ نَوْعُ تَقْصِيرٍ وَإِنْ كَانَ اشْتِغَالُهُ بِهَا وَاجِبًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْجِيحِ حَظِّ نَفْسِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ وُجُوبُ الْفِدْيَةِ عَلَى الشَّيْخِ الْفَانِي وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ أَصْلًا بِنَفْسِهِ) كَرَمَضَانَ وَقَضَائِهِ وَالنَّذْرِ كَمَا مَرَّ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ الْأَبَدِ، وَكَذَا لَوْ نَذَرَ صَوْمًا مُعَيَّنًا فَلَمْ يَصُمْ حَتَّى صَارَ فَانِيًا جَازَتْ لَهُ الْفِدْيَةُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ لَزِمَهُ الصَّوْمُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ أَصْلًا بِنَفْسِهِ، وَقَيَّدَ بِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالْقَتْلِ احْتِرَازًا عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْإِفْطَارِ إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِعْتَاقِ لِإِعْسَارِهِ وَعَنْ الصَّوْمِ لِكِبَرِهِ، فَلَهُ أَنْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا لِأَنَّ هَذَا صَارَ بَدَلًا عَنْ الصِّيَامِ بِالنَّصِّ وَالْإِطْعَامِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لَيْسَ بِبَدَلٍ عَنْ الصِّيَامِ بَلْ الصِّيَامُ بَدَلٌ عَنْهُ سِرَاجٌ.
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَكَذَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَنْ أَذًى وَلَمْ يَجِدْ نُسُكًا يَذْبَحُهُ وَلَا ثَلَاثَةَ آصُعٍ حِنْطَةً يُفَرِّقُهَا عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينِ وَهُوَ فَانٍ لَمْ يَسْتَطِعْ الصِّيَامَ فَأَطْعَمَ عَنْ الصِّيَامِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ بَدَلٌ (قَوْلُهُ لَمْ تَجُزْ الْفِدْيَةُ) أَيْ فِي حَالِ حَيَاتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِهَا كَمَا مَرَّ تَحْرِيرُهُ (قَوْلُهُ وَلَهُ كَانَ) أَيْ الْعَاجِزُ عَنْ الصَّوْمِ وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَخُوطِبَ بِأَدَائِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَجِبْ الْإِيصَاءُ) عَبَّرَ عَنْهُ الشُّرَّاحُ بِقَوْلِهِمْ قَبْلُ " لَمْ يَجِبْ " لِأَنَّ الْفَانِيَ يُخَالِفُ غَيْرَهُ فِي التَّخْفِيفِ لَا فِي التَّغْلِيظِ، وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ الْأَوْلَى الْجَزْمُ بِهِ لِاسْتِفَادَتِهِ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الْمُسَافِرَ إذَا لَمْ يُدْرِكْ عِدَّةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ وَلَعَلَّهَا لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَلَمْ يَجْزِمُوا بِهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ وَمَتَى قَدَرَ) أَيْ الْفَانِي الَّذِي أَفْطَرَ وَفَدَى (قَوْلُهُ شُرِطَ الْخَلَفِيَّةُ)