وَلَوْ فَطَّرَهَا وَجَبَ الْقَضَاءُ بِإِذْنِهِ أَوْ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَلَوْ صَامَ الْعَبْدُ وَمَا فِي حُكْمِهِ بِلَا إذْنِ الْمَوْلَى لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ فَطَّرَهُ قَضَى بِإِذْنِهِ أَوْ بَعْدَ الْعِتْقِ
(وَلَوْ نَوَى مُسَافِرٌ الْفِطْرَ) أَوْ لَمْ يَنْوِ (فَأَقَامَ وَنَوَى الصَّوْمَ فِي وَقْتِهَا) قَبْلَ الزَّوَالِ (صَحَّ) مُطْلَقًا (وَيَجِبُ عَلَيْهِ) الصَّوْمُ (لَوْ) كَانَ (فِي رَمَضَانَ) لِزَوَالِ الْمُرَخِّصِ (كَمَا يَجِبُ عَلَى مُقِيمٍ إتْمَامُ) صَوْمِ (يَوْمٍ مِنْهُ) أَيْ رَمَضَانَ (سَافَرَ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ (وَ) لَكِنْ (لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لَوْ أَفْطَرَ فِيهِمَا) لِلشُّبْهَةِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ إلَّا إذَا دَخَلَ مِصْرَهُ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ فَأَفْطَرَ
ــ
رد المحتار
لِأَنَّ الصَّوْمَ يُهَزِّلُهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ يَطَؤُهَا الْآنَ.
قَالَ فِي النَّهْرِ: وَعِنْدِي أَنَّ إحَالَةَ الْمَنْعِ عَلَى الضَّرَرِ وَعَدَمَهُ عَلَى عَدَمِهِ أَوْلَى لِلْقَطْعِ بِأَنَّ صَوْمَ يَوْمِ لَا يُهَزِّلُهَا فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مَنْعُهُ عَنْ وَطْئِهَا وَذَلِكَ إضْرَارٌ بِهِ، فَإِنْ انْتَفَى بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا جَازَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ فَطَّرَهَا إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ وَكَذَا فِي الْعَبْدِ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: وَإِنْ أَحْرَمَتْ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا أَيْ بِالْحَجِّ بِلَا إذْنِ الزَّوْجِ لَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا وَكَذَا فِي الصَّلَوَاتِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ) أَيْ الصُّغْرَى، أَوْ الْكُبْرَى وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَا تَقْضِي فِي الرَّجْعِيِّ، وَلَوْ فَصَلَ هُنَا كَمَا فَصَلَ فِي الْحِدَادِ مِنْ كَوْنِ الرَّجْعَةِ مَرْجُوَّةً أَوْ لَا لَكَانَ حَسَنًا ط (قَوْلُهُ وَمَا فِي حُكْمِهِ) كَالْأَمَةِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ) أَيْ يُكْرَهُ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ إلَّا إذَا كَانَ الْمَوْلَى غَائِبًا وَلَا ضَرَرَ لَهُ فِي ذَلِكَ اهـ أَيْ فَهُوَ كَالْمَرْأَةِ لَكِنْ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ لِأَنَّ مَنَافِعَهُمْ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْلَى بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّ مَنَافِعَهَا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِلزَّوْجِ وَإِنَّمَا لَهُ حَقُّ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا اهـ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي الْبَحْرِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يَبْقَ عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ إلَّا فِي الْفَرَائِضِ وَأَمَّا فِي النَّوَافِلِ فَلَا اهـ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَجِيرُ وَفِي السِّرَاجِ: إنْ كَانَ صَوْمُهُ يَضُرُّ بِالْمُسْتَأْجِرِ بِنَقْصِ الْخِدْمَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَصُومَ تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِهِ وَإِلَّا فَلَهُ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْمَنْفَعَةِ فَإِذَا لَمْ تُنْتَقَصْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ وَأَمَّا بِنْتُ الرَّجُلِ وَأُمُّهُ وَأُخْتُهُ فَيَتَطَوَّعْنَ بِلَا إذْنِهِ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي مَنَافِعِهِنَّ. اهـ.
قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنَّ أَحَدَ الْوَالِدَيْنِ إذَا نَهَى الْوَلَدَ عَنْ الصَّوْمِ خَوْفًا عَلَيْهِ مِنْ الْمَرَضِ أَنْ يَكُونَ الْأَفْضَلُ إطَاعَتَهُ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ عَلَيْهِ بِالْإِفْطَارِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ نَوَى الْفِطْرَ غَيْرُ قَيْدٍ، وَإِنَّمَا هُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ الْفِطْرَ فِي وَقْتِ النِّيَّةِ قَبْلَ الْأَكْلِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى، لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ مَعَ نِيَّةِ الْمُنَافِي فَمَعَ عَدَمِهَا أَوْلَى كَمَا فِي الْبَحْرِ وَلِأَنَّ نِيَّةَ الْإِفْطَارِ لَا عِبْرَةَ بِهَا كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ نَوَى الصَّائِمُ الْفِطْرَ إلَخْ (قَوْلُهُ قَبْلَ الزَّوَالِ) أَيْ نِصْفَ النَّهَارِ وَقَبْلَ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ صَحَّ) لِأَنَّ السَّفَرَ لَا يُنَافِي أَهْلِيَّةَ الْوُجُوبِ وَلَا صِحَّةَ الشُّرُوعِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ نَفْلًا أَوْ نَذْرًا مُعَيَّنًا أَوْ أَدَاءَ رَمَضَانَ ح وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي صَوْمٍ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّبْيِيتُ، فَلَوْ نَوَى مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّبْيِيتُ وَقَعَ نَفْلًا كَمَا تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُهُ ط وَإِنْ أُرِيدَ بِقَوْلِهِ صَحَّ صِحَّةَ الصَّوْمِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ عَمَّا نَوَاهُ فَالْمُرَادُ بِالْإِطْلَاقِ مَا يَشْمَلُ الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ) أَيْ إنْشَاؤُهُ حَيْثُ صَحَّ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ فِي وَقْتِ النِّيَّةِ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُنَافِيهِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ كَحَائِضٍ طَهُرَتْ وَمَجْنُونٍ أَفَاقَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ كَمَا يَجِبُ عَلَى مُقِيمٍ إلَخْ) لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْفَصْلِ أَنَّ السَّفَرَ لَا يُبِيحُ الْفِطْرَ، وَإِنَّمَا يُبِيحُ عَدَمَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ، فَلَوْ سَافَرَ بَعْدَ الْفَجْرِ لَا يَحِلُّ الْفِطْرُ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَكَذَا لَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ الصَّوْمَ لَيْلًا وَأَصْبَحَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُضَ عَزِيمَتَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَصْبَحَ صَائِمًا لَا يَحِلُّ فِطْرُهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَلَوْ أَفْطَرَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. اهـ.
قُلْت: وَكَذَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى لَوْ نَوَى نَهَارًا فَقَوْلُهُ لَيْلًا غَيْرُ قَيْدٍ (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُسَافِرِ إذَا أَقَامَ وَمَسْأَلَةُ الْمُقِيمِ إذَا سَافَرَ كَمَا فِي الْكَافِي النَّسَفِيِّ وَصَرَّحَ فِي الِاخْتِيَارِ بِلُزُومِ الْكَفَّارَةِ فِي الثَّانِيَةِ.
قَالَ ابْنُ الشَّلَبِيِّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ: وَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى مَا فِي الْكَافِي أَيْ مِنْ عَدَمِهِ فِيهِمَا.
قُلْت: بَلْ عَزَاهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ إلَى الْهِدَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَالْفَتْحِ أَيْضًا (قَوْلُهُ لِلشُّبْهَةِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَآخِرِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ.