(فَلَوْ خَرَجَ) وَلَوْ نَاسِيًا (سَاعَةً) زَمَانِيَّةً لَا رَمْلِيَّةً كَمَا مَرَّ (بِلَا عُذْرٍ فَسَدَ) فَيَقْضِيهِ إلَّا إذَا أَفْسَدَهُ بِالرِّدَّةِ وَاعْتُبِرَا أَكْثَرُ النَّهَارِ قَالُوا: وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ وَبَحَثَ فِيهِ الْكَمَالُ (وَ) إنْ خَرَجَ (بِعُذْرٍ يَغْلِبُ وُقُوعُهُ) وَهُوَ مَا مَرَّ لَا غَيْرُ (لَا) لَا يَفْسُدُ وَأَمَّا مَا لَا يَغْلِبُ كَإِنْجَاءِ غَرِيقٍ وَانْهِدَامِ مَسْجِدٍ فَمُسْقِطٌ لِلْإِثْمِ لَا لِلْبُطْلَانِ وَإِلَّا لَكَانَ النِّسْيَانُ أَوْلَى بِعَدَمِ الْفَسَادِ كَمَا حَقَّقَهُ الْكَمَالُ خِلَافًا لِمَا فَصَّلَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ.
ــ
رد المحتار
لِأَنَّ الْحَجَّ أَهَمُّ وَإِنَّمَا يَسْتَقْبِلُهُ لِأَنَّ هَذَا الْخُرُوجَ وَإِنْ وَجَبَ شَرْعًا فَإِنَّمَا وَجَبَ بِعَقْدِهِ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومَ الْوُقُوعِ فَلَا يَصِيرُ مُسْتَثْنًى فِي الِاعْتِكَافِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَيَقْضِيهِ) أَيْ لَوْ وَاجِبًا بِالنَّذْرِ، أَمَّا التَّطَوُّعُ لَوْ قَطَعَهُ قَبْلَ تَمَامِ الْيَوْمِ فَلَا إلَّا فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ كَمَا مَرَّ، وَيَقْضِي الْمَنْذُورَ مَعَ الصَّوْمِ غَيْرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ شَهْرًا مُعَيَّنًا يَقْضِي قَدْرَ مَا فَسَدَ وَإِلَّا اسْتَقْبَلَهُ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ مُتَتَابِعًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ فَسَادِهِ بِصُنْعِهِ بِلَا عُذْرٍ كَالْجِمَاعِ مَثَلًا إلَّا الرِّدَّةَ أَوْ لِعُذْرٍ كَخُرُوجِهِ لِمَرَضٍ أَوْ بِغَيْرِ صُنْعِهِ أَصْلًا كَحَيْضٍ وَجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ طَوِيلٍ.
وَأَمَّا حُكْمُهُ إذَا فَاتَ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعَيَّنِ، فَإِنْ فَاتَ بَعْضُهُ قَضَاهُ لَا غَيْرُ وَلَا يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ أَوْ كُلُّهُ قَضَى الْكُلَّ مُتَتَابِعًا فَإِنْ قَدَرَ وَلَمْ يَقْضِ حَتَّى مَاتَ أَوْصَى لِكُلِّ يَوْمٍ بِطَعَامِ مِسْكِينٍ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْبَعْضِ فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ صَحِيحًا وَقْتَ النَّذْرِ وَإِلَّا فَإِنْ صَحَّ يَوْمًا فَعَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَارِّ فِي الصَّوْمِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَدَائِعُ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ إلَّا إذَا أَفْسَدَهُ بِالرِّدَّةِ) لِأَنَّهَا تُسْقِطُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ قَبْلَهَا بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ إيجَابِهِ وَالنَّذْرُ مِنْ إيجَابِهِ. اهـ.
ح أَيْ وَلَيْسَ سَبَبُهُ بَاقِيًا لِأَنَّهُ النَّذْرُ وَقَدْ قَالَ فِي الْفَتْحِ إنَّ نَفْسَ النَّذْرِ بِالْقُرْبَةِ قُرْبَةٌ فَيَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ كَسَائِرِ الْقُرَبِ اهـ وَإِذَا بَطَلَ سَبَبُهُ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهُ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَالصَّلَاةِ الْوَقْتِيَّةِ لِبَقَاءِ سَبَبِهِمَا (قَوْلُهُ قَالُوا وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ) لِأَنَّ فِي الْقَلِيلِ ضَرُورَةٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ بِدُونِ لَفْظَةِ قَالُوا الْمُشْعِرَةِ بِالْخِلَافِ وَالضَّعْفِ، وَلَكِنَّهُ أَتَى بِهَا مَيْلًا إلَى مَا بَحَثَهُ الْكَمَالُ (قَوْلُهُ وَبَحَثَ فِيهِ الْكَمَالُ) حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمَعْدُودَةِ الَّتِي رُجِّحَ فِيهَا الْقِيَاسُ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ ثُمَّ مَنَعَ كَوْنَهُ اسْتِحْسَانًا بِالضَّرُورَةِ بِأَنَّ الضَّرُورَةَ الَّتِي يُنَاطُ بِهَا التَّخْفِيفُ هِيَ الضَّرُورَةُ اللَّازِمَةُ أَوْ الْغَالِبَةُ الْوُقُوعِ مَعَ أَنَّهُمَا أَيْ الْإِمَامَيْنِ يُجِيزَانِ الْخُرُوجَ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ أَصْلًا لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي خُرُوجِهِ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ لِحَاجَةٍ أَوْ لَا بَلْ لِلَّعِبِ، وَأَنَا لَا أَشُكُّ فِي أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ إلَى السُّوقِ لِلَّعِبِ وَاللَّهْوِ وَالْقِمَارِ إلَى مَا قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا مُعْتَكِفٌ قَالَ مَا أَبْعَدَك عَنْ الْمُعْتَكِفِينَ. اهـ.
مُلَخَّصًا وَقَدْ أَطَالَ فِي تَحْقِيقِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ دَأْبُهُ فِي التَّحْقِيقِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ كَوْنَهُ اسْتِحْسَانًا حَتَّى يَكُونَ مِمَّا رُجِّحَ فِيهِ الْقِيَاسُ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ كَمَا أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْحَاجَةِ الطَّبِيعِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَكَانَ النِّسْيَانُ أَوْلَى إلَخْ) لِأَنَّهُ عُذْرٌ ثَبَتَ شَرْعًا اعْتِبَارُ الصِّحَّةِ مَعَهُ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ فَتْحٌ أَيْ كَمَا فِي أَكْلِ الصَّائِمِ نَاسِيًا وَصِحَّةُ الْوَقْتِيَّةِ عِنْدَ نِسْيَانِ الْفَائِتَةِ (قَوْلُهُ كَمَا حَقَّقَهُ الْكَمَالُ) حَيْثُ قَالَ وَاَلَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ لِبَوْلٍ فَحَبَسَهُ الْغَرِيمُ سَاعَةً أَوْ لِمَرَضٍ فَسَدَ عِنْدَهُ، وَعَلَّلَ فِي الْخَانِيَّةِ الْمَرَضَ بِأَنَّهُ لَا يَغْلِبُ وُقُوعُهُ فَلَمْ يَصِرْ مُسْتَثْنًى عَنْ الْإِيجَابِ فَأَفَادَ الْفَسَادَ فِي الْكُلِّ وَعَلَى هَذَا يَفْسُدُ لَوْلَا عَادَةُ مَرِيضٍ أَوْ شُهُودُ جِنَازَةٍ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ كَمَا فِي الْمَرَضِ بَلْ يَجِبُ، كَمَا فِي الْجُمُعَةِ وَلَا يَفْسُدُ بِهَا لِأَنَّهَا مَعْلُومٌ وُقُوعُهَا فَكَانَتْ مُسْتَثْنَاةً، وَعَلَى هَذَا إذَا خَرَجَ لِإِنْقَاذِ غَرِيقٍ أَوْ حَرِيقٍ أَوْ جِهَادٍ عَمَّ نَفِيرُهُ فَسَدَ، وَلَا يَأْثَمُ وَكَذَا إذَا انْهَدَمَ الْمَسْجِدُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَكَذَا تَفَرُّقُ أَهْلِهِ وَانْقِطَاعُ الْجَمَاعَةِ مِنْهُ وَنَصَّ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي فَقَالَ.
وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ: فَاعْتِكَافُهُ فَاسِدٌ إذَا خَرَجَ سَاعَةً لِغَيْرِ غَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ جُمُعَةٍ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا فَصَّلَهُ الزَّيْلَعِيُّ) حَيْثُ جَعَلَ الْخُرُوجَ لِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَالْجِنَازَةَ وَصَلَاتَهَا وَانَجَاءَ الْغَرِيقِ وَالْحَرِيقَ وَالْجِهَادَ إذَا كَانَ النَّفِيرُ عَامًّا، وَأَدَاءَ الشَّهَادَةِ مُفْسِدًا بِخِلَافِ خُرُوجِهِ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ بِانْهِدَامِ الْمَسْجِدِ أَوْ تَفَرُّقِ