(وُقُوفُ جَمْعٍ) وَهُوَ الْمُزْدَلِفَةُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ آدَمَ اجْتَمَعَ بِحَوَّاءَ وَازْدَلَفَ إلَيْهَا أَيْ دَنَا.
(وَالسَّعْيُ) وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ هُوَ رُكْنٌ (بَيْنَ الصَّفَا) سُمِّي بِهِ لِأَنَّهُ جَلَسَ عَلَيْهِ آدَم صَفْوَةُ اللَّهِ (وَالْمَرْوَةُ) لِأَنَّهُ جَلَسَ عَلَيْهَا امْرَأَةٌ وَهِيَ حَوَّاءُ وَلِذَا أُنِّثَتْ.
(وَرَمْيُ الْجِمَارِ) لِكُلٍّ مِنْ الْحَجِّ (وَطَوَافُ الصَّدَرِ) أَيْ الْوَدَاعِ (لِلْآفَاقِيِّ) غَيْرِ الْحَائِضِ
(وَالْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ وَإِنْشَاءُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَمَدُّ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ إلَى الْغُرُوبِ) إنْ وَقَفَ نَهَارًا.
(وَالْبُدَاءَةُ بِالطَّوَافِ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ) عَلَى الْأَشْبَهِ لِمُوَاظَبَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَقِيلَ فَرْضٌ وَقِيلَ سُنَّةٌ (وَالتَّيَامُنُ فِيهِ) أَيْ فِي الطَّوَافِ فِي الْأَصَحِّ (وَالْمَشْيُ فِيهِ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ عُذْرٌ) يَمْنَعُهُ مِنْهُ، وَلَوْ نَذَرَ طَوَافًا زَحْفًا
ــ
رد المحتار
قُلْت: لَكِنَّ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ فِي الْحَقِيقَةِ الْخَمْسَةُ الْأُوَلُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَتْنِ وَالذَّبْحِ أَمَّا الْبَاقِي فَهِيَ وَاجِبَاتٌ لَهُ بِوَاسِطَةٍ لِأَنَّهَا وَاجِبَاتُ الطَّوَافِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وُقُوفُ جَمْعٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ الْوُقُوفُ فِيهِ وَلَوْ سَاعَةً بَعْدَ الْفَجْرِ كَمَا فِي شَرْحِ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ) أَيْ بِجَمْعٍ وَبِمُزْدَلِفَةَ فَقَدْ يُشَارُ بِذَا إلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى - {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} البقرة: ٦٨- فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ لِكُلِّ مَنْ حَجَّ) أَيْ آفَاقِيًّا أَوْ غَيْرَهُ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا أَوْ مُفْرِدًا وَهُوَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمُ رُجُوعُ قَوْلِهِ لِآفَاقِيٍّ إلَى الْجَمِيعِ وَإِلَّا فَكَثِيرٌ مِنْ الْوَاجِبَاتِ الْآتِيَةِ لِكُلِّ مَنْ حَجَّ (قَوْلُهُ وَطَوَافُ الصَّدَرِ) بِفَتْحَتَيْنِ بِمَعْنَى الرُّجُوعِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى - {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا} الزلزلة: ٦- وَلِذَا يُسَمَّى طَوَافَ الْوَدَاعِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَتُكْسَرُ لِمُوَادَعَتِهِ الْبَيْتَ شَرْحُ اللُّبَابِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ الْوَدَاعُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ طَوَافُ الْوَدَاعِ فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِطَوَافِ الصَّدَرِ لَا تَفْسِيرٌ لِلصَّدَرِ إلَّا بِاعْتِبَارِ اللُّزُومِ لِأَنَّ الْوَدَاعَ بِمَعْنَى التَّرْكِ لَازِمٌ لِلصَّدَرِ، بِمَعْنَى الرُّجُوعِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِلْآفَاقِيِّ) اعْتَرَضَ النَّوَوِيُّ فِي التَّهْذِيبِ عَلَى الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْآفَاقَ النَّوَاحِي وَاحِدُهُ أُفُقٌ بِضَمَّتَيْنِ، وَبِإِسْكَانِ الْفَاءِ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِ أُفُقِيٌّ لِأَنَّ الْجَمْعَ إذَا لَمْ يُسَمَّ بِهِ فَالنِّسْبَةُ إلَى وَاحِدِهِ وَأَجَابَ فِي كَشْفِ الْكَشَّافِ بِأَنَّهُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْخَارِجِيُّ أَيْ خَارِجُ الْمَوَاقِيتِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْأَنْصَارِيِّ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ كَمَالٍ وَالْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ غَيْرِ الْحَائِضِ) لِأَنَّ الْحَائِضَ يَسْقُطُ عَنْهَا كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ وَالْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ) أَيْ أَحَدُهُمَا، وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ لِلرَّجُلِ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْإِحْرَامِ وَالشَّرْطُ لَا يَكُونُ إلَّا فَرْضًا، وَأَجَابَ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ بِأَنَّ وُجُوبَهُ مِنْ حَيْثُ إيقَاعُهُ فِي الْوَقْتِ الْمَشْرُوعِ، وَهُوَ مَا بَعْدَ الرَّمْيِ فِي الْحَجِّ، وَبَعْدَ السَّعْيِ فِي الْعُمْرَةِ.
قُلْت: وَفِيهِ أَنَّ هَذَا وَاجِبٌ آخَرُ سَيَأْتِي فَالْأَحْسَنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَوَقُّفِ الْخُرُوجِ مِنْ الْإِحْرَامِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا قَطْعِيًّا فَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا، كَتَوَقُّفِ الْخُرُوجِ الْوَاجِبِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى وَاجِبِ السَّلَامِ تَأَمَّلْ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي الْفَتْحِ قَالَ إنَّ الْحَلْقَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ غَيْرُ وَاجِبٍ وَهُوَ عِنْدَنَا وَاجِبٌ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ الْوَاجِبَ لَا يَكُونُ إلَّا بِهِ ثُمَّ قَالَ عُدَّ كَلَامٌ غَيْرَ أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ ظَنِّيٌّ فَيَثْبُتُ بِهِ الْوُجُوبُ لَا الْقَطْعُ (قَوْلُهُ مِنْ الْمِيقَاتِ) يَشْمَلُ الْحَرَمَ لِلْمَكِّيِّ وَنَحْوِهِ كَمُتَمَتِّعٍ لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ ط وَالتَّقْيِيدُ بِهِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَيَجُوزُ قَبْلَهُ بَلْ هُوَ أَفْضَلُ بِشُرُوطِهِ كَمَا فِي شَرْحِ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ إلَى الْغُرُوبِ) لَمْ يَقُلْ مِنْ الزَّوَالِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ مِنْ الزَّوَالِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ أَنْ يُمِدَّهُ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ مُطْلَقًا إلَى الْغُرُوبِ كَمَا أَفَادَهُ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ وَإِنْ وَقَفَ نَهَارًا) أَمَّا إذَا وَقَفَ لَيْلًا فَلَا وَاجِبَ فِي حَقِّهِ حَتَّى لَوْ وَقَفَ سَاعَةً لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا فِي شَرْحِ اللُّبَابِ، نَعَمْ يَكُونُ تَارِكًا وَاجِبَ الْوُقُوفِ نَهَارًا إلَى الْغُرُوبِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْأَشْبَهِ) ذَكَرَ فِي الْمَطْلَبِ الْفَائِقِ شَرْحِ الْكَنْزِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ شَرْطٌ لَكِنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ سُنَّةٌ يُكْرَهُ تَرْكُهَا، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَصَحَّحَهُ فِي اللُّبَابِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْهُمَامِ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ إنَّهُ وَاجِبٌ لَا يَبْعُدُ لِأَنَّ الْمُوَاظَبَةَ مِنْ غَيْرِ تَرْكٍ مَرَّةً دَلِيلُ الْوُجُوبِ اهـ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ عَنْ الْوَجِيزِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَالْأَعْدَلُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ اهـ.
مِنْ شَرْحِ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ وَالتَّيَامُنُ فِيهِ) وَهُوَ أَخْذُ الطَّائِفِ عَنْ يَمِينِ نَفْسِهِ وَجَعْلُهُ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ لُبَابٌ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) صَرَّحَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَقِيلَ إنَّهُ سُنَّةٌ وَقِيلَ فَرْضٌ شَرْحُ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ وَالْمَشْيُ فِيهِ إلَخْ) فَلَوْ تَرَكَهُ بِلَا عُذْرٍ أَعَادَهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ دَمٌ لِأَنَّ الْمَشْيَ وَاجِبٌ