وَكَانَ مَغْلُوبًا كُرِهَ أَكْلُهُ كَشَمِّ طِيبٍ وَتُفَّاحٍ
(أَوْ لَبِسَ مَخِيطًا) لُبْسًا مُعْتَادًا، وَلَوْ اتَّزَرَهُ أَوْ وَضَعَهُ عَلَى كَتِفَيْهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ سَتَرَ رَأْسَهُ) بِمُعْتَادٍ إمَّا بِحَمْلِ إجَّانَةٍ أَوْ عِدْلٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (يَوْمًا كَامِلًا) أَوْ لَيْلَةً كَامِلَةً، وَفِي الْأَقَلِّ صَدَقَةٌ (وَالزَّائِدُ) عَلَى الْيَوْمِ (كَالْيَوْمِ)
ــ
رد المحتار
اعْلَمْ أَنَّ خَلْطَ الطِّيبِ بِغَيْرِهِ عَلَى وُجُوهٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُخْلَطَ بِطَعَامٍ مَطْبُوخٍ أَوْ لَا فَفِي الْأَوَّلِ لَا حُكْمَ لِلطِّيبِ سَوَاءٌ كَانَ غَالِبًا أَمْ مَغْلُوبًا، وَفِي الثَّانِي الْحُكْمُ لِلْغَلَبَةِ إنْ غَلَبَ الطِّيبُ وَجَبَ الدَّمُ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ رَائِحَتُهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ مَعَهُ الرَّائِحَةُ كُرِهَ، وَإِنْ خُلِطَ بِمَشْرُوبٍ فَالْحُكْمُ فِيهِ لِلطِّيبِ سَوَاءٌ غَلَبَ غَيْرُهُ أَمْ لَا غَيْرَ أَنَّهُ فِي غَلَبَةِ الطِّيبِ يَجِبُ الدَّمُ، وَفِي غَلَبَةِ الْغَيْرِ تَجِبُ الصَّدَقَةُ إلَّا أَنْ يُشْرَبَ مِرَارًا فَيَجِبَ الدَّمُ. وَبُحِثَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ يَنْبَغِي التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ الْمَخْلُوطِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِطِيبٍ مَغْلُوبٍ. إمَّا بِعَدَمِ وُجُوبِ شَيْءٍ أَصْلًا أَوْ بِوُجُوبِ الصَّدَقَةِ فِيهِمَا، وَتَمَامُهُ فِيهِ. تَنْبِيهٌ
قَالَ ابْنُ أَمِيرٍ حَاجٍّ الْحَلَبِيِّ: لَمْ أَرَهُمْ تَعَرَّضُوا بِمَاذَا تُعْتَبَرُ الْغَلَبَةُ، وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَمَا فِي أَكْلِ الطِّيبِ وَحْدَهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ وُجِدَ مِنْ الْمُخَالَطِ رَائِحَةُ الطِّيبِ كَمَا قَبْلَ الْخَلْطِ فَهُوَ غَالِبٌ وَإِلَّا فَمَغْلُوبٌ، وَإِذَا كَانَ غَالِبًا فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ أَوْ شَرِبَ شَيْئًا كَثِيرًا وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ، وَالْكَثِيرُ مَا يَعُدُّهُ الْعَارِفُ الْعَدْلُ كَثِيرًا وَالْقَلِيلُ مَا عَدَاهُ، فَإِنْ أَكَلَ مَا يُتَّخَذُ مِنْ الْحَلْوَى الْمُبَخَّرَةِ بِالْعُودِ وَنَحْوِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، غَيْرَ أَنَّهُ إنْ وُجِدَتْ الرَّائِحَةُ مِنْهُ كُرِهَ بِخِلَافِ الْحَلْوَى الْمُضَافِ إلَى أَجْزَائِهَا الْمَاوَرْدُ وَالْمِسْكُ، فَإِنَّ فِي أَكْلِ الْكَثِيرِ دَمًا وَالْقَلِيلِ صَدَقَةً. اهـ. نَهْرٌ.
قُلْت: لَكِنَّ قَوْلَ الْفَتْحِ الْمَارِّ فِي غَيْرِ الْمَطْبُوخِ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ رَائِحَتُهُ يُفِيدُ اعْتِبَارَ الْغَلَبَةِ بِالْأَجْزَاءِ لَا بِالرَّائِحَةِ، وَقَدْ صُرِّحَ بِهِ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ. ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الْحَلْوَى الْغَيْرَ الْمَطْبُوخَةِ وَإِلَّا فَالْمَطْبُوخُ لَا تَفْصِيلَ فِيهِ كَمَا عَلِمْت تَأَمَّلْ، هَذَا حُكْمُ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ، وَأَمَّا إذَا خُلِطَ بِمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْبَدَنِ كَأُشْنَانٍ وَنَحْوِهِ، فَفِي شَرْحِ اللُّبَابِ عَنْ الْمُنْتَقَى: إنْ كَانَ إذَا نَظَرَ إلَيْهِ قَالُوا هَذَا أُشْنَانٌ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ، وَإِنْ قَالُوا هَذَا طِيبٌ عَلَيْهِ دَمٌ (قَوْلُهُ كُرِهَ) أَيْ إنْ وُجِدَتْ مَعَهُ الرَّائِحَةُ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ أَوْ لَبِسَ مَخِيطًا) تَقَدَّمَ تَعْرِيفُهُ فِي فَصْلِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ لُبْسًا مُعْتَادًا) بِأَنْ لَا يَحْتَاجَ فِي حِفْظِهِ عِنْدَ الِاشْتِغَالِ بِالْعَمَلِ إلَى تَكَلُّفٍ. وَضِدُّهُ أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ، بِأَنْ يَجْعَلَ ذَيْلَ قَمِيصِهِ مَثَلًا أَعْلَى وَجَيْبَهُ أَسْفَلَ شَرْحُ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ أَوْ وَضَعَهُ إلَخْ) أَيْ لَوْ أَلْقَى الْقَبَاءَ عَلَى كَتِفَيْهِ وَلَمْ يُدْخِلْ فِيهِ يَدَيْهِ وَلَمْ يَزُرَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا الْكَرَاهَةُ وَتَقَدَّمَ تَمَامُ الْكَلَامِ فِي فَصْلِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ أَوْ سَتَرَ رَأْسَهُ) أَيْ كُلَّهُ أَوْ رُبْعَهُ، وَمِثْلُهُ الْوَجْهُ كَمَا يَأْتِي؛ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَصَبَ نَحْوَ يَدِهِ، وَعَطَفَهُ عَلَى لُبْسِ الْمَخِيطِ لِأَنَّ السَّتْرَ قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِهِ كَالرِّدَاءِ وَالشَّاشِ أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ بِمُعْتَادٍ) أَيْ بِمَا يُقْصَدُ بِهِ التَّغْطِيَةُ عَادَةً (قَوْلُهُ إجَّانَةٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ: أَيْ مِرْكَنٍ شَرْحُ اللُّبَابِ وَكَطَاسَةٍ وَطَسْتٍ (قَوْلُهُ أَوْ عِدْلٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَقَدْ تُفْتَحُ: أَيْ أَحَدِ شِقَّيْ حِمْلِ الدَّابَّةِ شَرْحُ اللُّبَابِ، وَقُيِّدَ الْعِدْلُ فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ بِالْمَشْغُولِ، بَلْ لَا يُسَمَّى عِدْلًا إلَّا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُعَادَلُ بِهِ قَرِينُهُ، فَلِذَا أَطْلَقَهُ هُنَا رَحْمَتِيٌّ. قُلْت: لَكِنِّي لَمْ أَرَ فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ التَّقْيِيدَ بِمَا ذُكِرَ، فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ أُخْرَى (قَوْلُهُ يَوْمًا كَامِلًا أَوْ لَيْلَةً) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِقْدَارُ أَحَدِهِمَا فَلَوْ لَبِسَ مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ انْفِصَالٍ أَوْ بِالْعَكْسِ لَزِمَهُ دَمٌ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ وَفِي الْأَقَلِّ صَدَقَةٌ شَرْحُ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ وَفِي الْأَقَلِّ صَدَقَةٌ) أَيْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، وَشَمِلَ الْأَقَلُّ السَّاعَةَ الْوَاحِدَةَ أَيْ الْفَلَكِيَّةَ وَمَا دُونَهَا خِلَافًا لِمَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ أَنَّهُ فِي سَاعَةٍ نِصْفُ صَاعٍ وَفِي أَقَلَّ مِنْ سَاعَةٍ قَبْضَةٌ مِنْ بُرٍّ. اهـ. بَحْرٌ، وَمُشِيَ فِي اللُّبَابِ عَلَى مَا فِي الْخِزَانَةِ، وَأَقَرَّهُ شَارِحُهُ، وَاعْتَرَضَ بِمُخَالَفَتِهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ. تَنْبِيهٌ
ذَكَرَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمَنَاسِكِ: لَوْ أَحْرَمَ بِنُسُكٍ وَهُوَ لَابِسٌ الْمَخِيطَ وَأَكْمَلَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَحَلَّ مِنْهُ لَمْ