(لَا) يَصِحُّ
(وَإِذَا مَرِضَ الْمَأْمُورُ) بِالْحَجِّ (فِي الطَّرِيقِ لَيْسَ لَهُ دَفْعُ الْمَالِ إلَى غَيْرِهِ لِيَحُجَّ) ذَلِكَ الْغَيْرُ (عَنْ الْمَيِّتِ إلَّا إذَا) أُذِنَ لَهُ بِذَلِكَ، بِأَنْ (قِيلَ لَهُ وَقْتَ الدَّفْعِ اصْنَعْ مَا شِئْت فَيَجُوزُ لَهُ) ذَلِكَ (مَرِضَ أَوْ لَا) لِأَنَّهُ صَارَ وَكِيلًا مُطْلَقًا
(خَرَجَ) الْمُكَلَّفُ (إلَى الْحَجِّ وَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ وَأَوْصَى بِالْحَجِّ عَنْهُ) إنَّمَا تَجِبُ الْوَصِيَّةُ بِهِ إذَا أَخَّرَهُ بَعْدَ وُجُوبِهِ، أَمَّا لَوْ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَلَا (فَإِنْ فُسِّرَ الْمَالُ) أَوْ الْمَكَانُ.
ــ
رد المحتار
الْفَقِيرَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِدُخُولِ مَكَّةَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْبَدَائِعِ بِإِطْلَاقِهِ الْكَرَاهَةَ أَيْ فِي قَوْلِهِ: يُكْرَهُ إحْجَاجُ الصَّرُورَةِ لِأَنَّهُ تَارِكٌ فَرْضَ الْحَجِّ يُفِيدُ أَنَّهُ يَصِيرُ بِدُخُولِ مَكَّةَ قَادِرًا عَلَى الْحَجِّ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ وَقْتُهُ مَشْغُولًا بِالْحَجِّ عَنْ الْآمِرِ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. قُلْت: وَقَدْ أَفْتَى بِالْوُجُوبِ مُفْتِي دَارِ السَّلْطَنَةِ الْعَلَّامَةُ أَبُو السُّعُودِ، وَتَبِعَهُ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ، وَكَذَا أَفْتَى السَّيِّدُ أَحْمَدُ بَادْشَاهْ، وَأَلَّفَ فِيهِ رِسَالَةً. وَأَفْتَى سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ النَّابُلُسِيُّ بِخِلَافِهِ وَأَلَّفَ فِيهِ رِسَالَةً لِأَنَّهُ فِي هَذَا الْعَامِ لَا يُمْكِنُهُ الْحَجُّ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّ سَفَرَهُ بِمَالِ الْآمِرِ فَيُحْرِمُ عَنْ الْآمِرِ وَيَحُجُّ عَنْهُ، وَفِي تَكْلِيفِهِ بِالْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ إلَى قَابِلٍ لِيَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ وَيَتْرُكَ عِيَالَهُ بِبَلَدِهِ حَرَجٌ عَظِيمٌ، وَكَذَا فِي تَكْلِيفِهِ بِالْعَوْدِ وَهُوَ فَقِيرٌ حَرَجٌ عَظِيمٌ أَيْضًا.
وَأَمَّا مَا فِي الْبَدَائِعِ فَإِطْلَاقُهُ الْكَرَاهَةَ الْمُنْصَرِفَةَ إلَى التَّحْرِيمِ يَقْتَضِي أَنَّ كَلَامَهُ فِي الصَّرُورَةِ الَّذِي تَحَقَّقَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ مِنْ قَابِلٍ كَمَا يُفِيدُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ، نَعَمْ قَدَّمْنَا أَوَّلَ الْحَجِّ عَنْ اللُّبَابِ وَشَرْحِهِ أَنَّ الْفَقِيرَ الْآفَاقِيَّ إذَا وَصَلَ إلَى مِيقَاتٍ فَهُوَ كَالْمَكِّيِّ فِي أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ لَزِمَهُ الْحَجُّ وَلَا يَنْوِي النَّفَلَ عَلَى زَعْمِ أَنَّهُ فَقِيرٌ لِأَنَّهُ مَا كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَهُوَ آفَاقِيٌّ، فَلَمَّا صَارَ كَالْمَكِّيِّ وَجَبَ عَلَيْهِ؛ حَتَّى لَوْ نَوَاهُ نَفْلًا لَزِمَهُ الْحَجُّ ثَانِيًا اهـ لَكِنَّ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّرُورَةَ الْفَقِيرَ كَذَلِكَ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ بِقُدْرَةِ غَيْرِهِ كَمَا قُلْنَا وَهِيَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ لِيَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ وَهُوَ فَقِيرٌ فَإِنَّهُ عِنْدَ وُصُولِهِ إلَى الْمِيقَاتِ صَارَ قَادِرًا بِقُدْرَةِ نَفْسِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ سَفَرُهُ تَطَوُّعًا ابْتِدَاءً، وَلَوْ كَانَ الصَّرُورَةُ الْفَقِيرُ مِثْلَهُ لَمَا صَحَّ تَقْيِيدُ ابْنِ الْهُمَامِ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ بِمَا إذَا كَانَ حَجُّهُ عَنْ الْغَيْرِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ وَتَعْلِيلُهُ لِلْكَرَاهَةِ بِأَنَّهُ تُضَيِّقُ الْوُجُوبَ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ) أَيْ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ
(قَوْلُهُ وَإِذَا مَرِضَ) أَيْ عَرَضَ لَهُ مَانِعٌ مِنْ ذَهَابِهِ كَمَرَضٍ وَحَبْسٍ وَشَمَلَ مَا لَوْ عَيَّنَهُ الْآمِرُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ عَنْ الْمَيِّتِ) أَيْ عَنْ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا (قَوْلُهُ إلَّا إذَا أُذِنَ لَهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ، وَيَشْمَلُ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ الْمَيِّتُ أَوْ وَصِيُّهُ وَلَمْ يَكُنْ عَيَّنَهُ الْمَيِّتُ بِمَنْعِ إحْجَاجِ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ خَرَجَ الْمُكَلَّفُ إلَخْ) أَمَّا إذَا لَمْ يَخْرُجْ وَأَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَأَطْلَقَ: أَيْ لَمْ يُعَيِّنْ مَالًا وَلَا مَكَانًا فَإِنَّهُ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ مِنْ بَلَدِهِ إنْ بَلَغَ الثُّلُثَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ بَلَدِهِ الَّذِي يَسْكُنُهُ وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ مِنْ مَكَان بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ كَمَا فِي اللُّبَابِ. قَالَ شَارِحُهُ: وَلَعَلَّ الْمَكَانَ مُقَيَّدٌ بِمَا قَبْلَ الْمَوَاقِيتِ وَإِلَّا فَبِأَدْنَى شَيْءٍ يُمْكِنُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مِنْ مَكَّةَ، وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِمَالٍ وَسَمَّى مَبْلَغَهُ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ يَبْلُغُ مِنْ بَلَدِهِ فَمِنْهَا وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ. اهـ. وَاحْتُرِزَ بِالْمُكَلَّفِ عَنْ غَيْرِهِ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فَإِنَّ وَصِيَّتَهُ لَا تُعْتَبَرُ. وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ إلَى الْحَجِّ عَمَّا لَوْ خَرَجَ لِلتِّجَارَةِ وَنَحْوِهَا وَأَوْصَى فَإِنَّهُ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ وَطَنِهِ إجْمَاعًا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَغَيْرِهِ، وَقُيِّدَ بِخُرُوجِهِ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ وَمَاتَ الْمَأْمُورُ فِي الطَّرِيقِ فَسَيَذْكُرُ تَفْصِيلَهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ وَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ) أَرَادَ بِهِ مَوْتَهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَلَوْ كَانَ بِمَكَّةَ بَحْرٌ. وَفِي التَّجْنِيسِ: إذَا مَاتَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَجْزَأَ عَنْ الْمَيِّتِ لِأَنَّ الْحَجَّ عَرَفَةُ بِالنَّصِّ وَقَدَّمْنَا عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى فَرْضِ الْحَجِّ أَنَّ الْحَاجَّ عَنْ نَفْسِهِ إذَا أَوْصَى بِإِتْمَامِ الْحَجِّ تَجِبُ بَدَنَةٌ (قَوْلُهُ إنَّمَا تَجِبُ الْوَصِيَّةُ بِهِ إلَخْ) كَذَا