لَكِنْ فِي النَّهْرِ قُبَيْلَ كِتَابِ الصَّرْفِ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ بِرِضَا الْأَبِ وَالْحَقُّ الْإِطْلَاقُ فَلْيَتَأَمَّلْ الْمُفْتِي.
بَابُ الْوَلِيِّ (هُوَ) لُغَةً: خِلَافُ الْعَدُوِّ. وَعُرْفًا: الْعَارِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَشَرْعًا: (الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْوَارِثُ) وَلَوْ فَاسِقًا عَلَى الْمَذْهَبِ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَهَتِّكًا، وَخَرَجَ نَحْوُ صَبِيٍّ وَوَصِيٍّ
ــ
رد المحتار
فِي الْجُمْلَةِ، وَلَهُ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ لَوْ الزَّوْجُ غَيْرَ كُفْءٍ، وَلَهُ كَمَالُ الشَّفَقَةِ فَيَخْتَارُ لَهَا الْمُنَاسِبَ فَكَيْفَ يُقَالُ بِالْجَوَازِ فِي الْأَجْنَبِيِّ دُونَ الْأَبِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَبِ أَيْضًا فِي الظَّهِيرِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: لَوْ كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ فَقَبِلَ جَازَ فَمَا بَحَثَهُ الْمُصَنِّفُ مُوَافِقٌ لِلْمَنْقُولِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي النَّهْرِ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْمُصَنِّفُ. وَعِبَارَةُ النَّهْرِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ الظَّهِيرِيَّةِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ وَالْحَقُّ فِي مَا فِي الْخَانِيَّةِ. اهـ.
وَاَلَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ هُوَ قَوْلُهُ: تَزَوَّجْتُك إنْ أَجَازَ أَبِي أَوْ رَضِيَ فَقَالَتْ قَبِلْت لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَالنِّكَاحُ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ. اهـ.
قُلْت: الظَّاهِرُ حَمْلُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْأَبُ غَيْرَ حَاضِرٍ فِي الْمَجْلِسِ، أَوْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْخَانِيَّةِ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَسْأَلَةَ التَّعْلِيقِ بِرِضَا فُلَانٍ فَقَالَ إنْ كَانَ فُلَانٌ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ وَرَضِيَ جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ رَضِيَ. اهـ. وَبِمَا قُلْنَا يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ كَلَامَيْهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَبِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ عَلِمْت مِنْ عِبَارَةِ الظَّهِيرِيَّةِ عَدَمَهُ وَأَنَّ الْجَوَازَ فِي الْأَبِ ثَابِتٌ بِالْأَوْلَى وَلَمْ نَرَ أَحَدًا صَرَّحَ بِتَصْحِيحِ خِلَافِ هَذَا حَتَّى يُتْبَعَ فَافْهَمْ.
بَابُ الْوَلِيِّ
لَمَّا ذَكَرَ النِّكَاحَ وَأَلْفَاظَهُ وَمَحَلَّهُ شَرَعَ فِي بَيَانِ عَاقِدِهِ وَأَخَّرَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَالْوَلِيُّ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ ط (قَوْلُهُ وَعُرْفًا) أَيْ فِي عُرْفِ أَهْلِ أُصُولِ الدِّينِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي أُصُولِ الدِّينِ هُوَ الْعَارِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ حَسْبَمَا يُمْكِنُ الْمُوَاظِبُ عَلَى الطَّاعَاتِ الْمُجْتَنِبُ عَنْ الْمَعَاصِي الْغَيْرُ الْمُنْهَمِكِ فِي الشَّهَوَاتِ وَاللَّذَّاتِ كَمَا فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ ح (قَوْلُهُ الْوَارِثُ) كَذَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَذَكَرَهُ مِمَّا لَا يَنْبَغِي إذْ الْحَاكِمُ وَلِيٌّ وَلَيْسَ بِوَارِثٍ. اهـ.
قُلْت: وَكَذَا سَيِّدُ الْعَبْدِ فَالتَّعْرِيفُ خَاصٌّ بِالْوَلِيِّ مِنْ جِهَةِ الْقَرَابَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْأَبَ أَوْ الْجَدَّ إذَا كَانَ فَاسِقًا، فَلِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَ مِنْ الْكُفْءِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ إنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَهَتِّكًا) فِي الْقَامُوسِ: رَجُلٌ مُنْهَتِكٌ وَمُتَهَتِّكٌ وَمُسْتَهْتِكٌ لَا يُبَالِي أَنْ يَتَهَتَّكَ سِتْرُهُ اهـ قَالَ فِي الْفَتْحِ عَقِبَ مَا نَقَلْنَا عَنْهُ آنِفًا، نَعَمْ إذَا كَانَ مُتَهَتِّكًا لَا يَنْفُذُ تَزْوِيجُهُ إيَّاهَا بِنَقْصٍ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمِنْ غَيْرِ كُفْءٍ وَسَيَأْتِي هَذَا. اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْفِسْقَ وَإِنْ كَانَ لَا يُسْلَبَ الْأَهْلِيَّةَ عِنْدَنَا، لَكِنْ إذَا كَانَ الْأَبُ مُتَهَتِّكًا لَا يَنْفُذُ تَزْوِيجُهُ إلَّا بِشَرْطِ الْمَصْلَحَةِ وَمِثْلُهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَزِمَ وَلَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ أَوْ بِغَيْرِ كُفْءٍ إنْ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ جَدًّا لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُمَا سُوءُ الِاخْتِيَارِ وَإِنْ عُرِفَ لَا اهـ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الْفَاسِقَ الْمُتَهَتِّكَ وَهُوَ بِمَعْنَى سَيِّئِ الِاخْتِيَارِ لَا تَسْقُطُ وِلَايَتُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ مِنْ كُفْءٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ صَحَّ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَهَذَا خِلَافُ مَا مَرَّ عَلَى الْبَزَّازِيَّةِ، وَلَا يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِحَمْلِ مَا مَرَّ عَلَى هَذَا لِأَنَّ قَوْلَهُ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَ مِنْ الْكُفْءِ يَقْتَضِي سُقُوطَ وِلَايَةِ الْأَبِ أَصْلًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ نَحْوُ صَبِيٍّ) أَيْ كَمَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ غَيْرَ أَنَّ الصَّبِيَّ خَرَجَ بِقَوْلِهِ الْبَالِغُ وَالْمَجْنُونُ وَالْمَعْتُوهُ بِالْعَاقِلِ ط.
(قَوْلُهُ وَوَصِيٌّ) أَيْ وَنَحْوُ وَصِيٍّ مِمَّنْ لَيْسَ بِوَارِثٍ كَعَبْدٍ وَكَكَافِرٍ لَهُ بِنْتٌ مُسْلِمَةٌ وَمُسْلِمٌ لَهُ بِنْتٌ كَافِرَةٌ كَمَا سَيَأْتِي، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ قَرِيبًا أَوْ حَاكِمًا يَمْلِكُ