لِلنِّكَاحِ (الْمَوْقُوف، لَا طَلِّقْهَا أَوْ فَارِقْهَا) لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ لِلْمُتَارَكَةِ، حَتَّى لَوْ أَجَازَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَنْفُذُ، بِخِلَافِ الْفُضُولِيِّ
(وَإِذْنُهُ لِعَبْدِهِ فِي النِّكَاحِ يَنْتَظِمُ جَائِزَهُ وَفَاسِدَهُ، فَيُبَاعُ الْعَبْدُ لِمَهْرِ مَنْ نَكَحَهَا فَاسِدًا بَعْدَ إذْنِهِ فَوَطِئَهَا) خِلَافًا لَهُمَا، وَلَوْ نَوَى الْمَوْلَى الصَّحِيحَ فَقَطْ تَقَيَّدَ بِهِ،
ــ
رد المحتار
مِنْهُ إلَى الْمَرْأَةِ وَالضَّرُورَةِ بِنَحْوِ عِتْقِ الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ فَالْإِعْتَاق إجَازَةٌ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ لَا يَكُونُ إجَازَةً، فَإِنْ أَجَازَ الْعَبْدُ مَا صَنَعَ جَازَ اسْتِحْسَانًا كَالْفُضُولِيِّ إذَا وَكَّلَ فَأَجَازَ مَا صَنَعَهُ قَبْلَ الْوَكَالَةِ وَكَالْعَبْدِ إذَا زَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ فَأَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ فِي التَّزْوِيجِ فَأَجَازَ مَا صَنَعَهُ الْفُضُولِيُّ كَذَا فِي الْفَتْحِ.
أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْعَقْدَ إذَا وَقَعَ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ فَحَصَلَ الْإِذْنُ بَعْدَهُ مَلَكَ اسْتِئْنَافَ الْعَقْدِ فَيَمْلِكُ إجَازَةَ الْمَوْقُوفِ بِالْأَوْلَى، لَكِنْ عَلِمْت أَنَّ مِنْ الْإِجَازَةِ الصَّرِيحَةِ لَفْظَ أَذِنْت فَيُنَاقِضُ مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الْإِذْنَ بَعْدَ التَّزَوُّجِ لَا يَكُونُ إجَازَةً وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ بِالنِّكَاحِ فَقَالَ أَذِنْت، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ وَبِهِ جَزَمَ فِي النَّهْرِ.
مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِذْنِ وَالْإِجَازَةِ قُلْت: يَظْهَرُ مِمَّا ذَكَرْنَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِذْنِ وَالْإِجَازَةِ، فَالْإِذْنُ لِمَا سَيَقَعُ، وَالْإِجَازَةُ لِمَا وَقَعَ: وَيَظْهَرُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ الْإِذْنَ يَكُونُ بِمَعْنَى الْإِجَازَةِ إذَا كَانَ لِأَمْرٍ وَقَعَ وَعَلِمَ بِهِ الْآذِنُ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ الْإِجَازَةُ تَثْبُتُ بِالدَّلَالَةِ وَبِالصَّرِيحِ إلَخْ أَنْسَبُ مِنْ قَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ الْإِذْنُ يَثْبُتُ إلَخْ. وَعُلِمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَوْ قَالَ إذْنُ بَدَلٍ قَوْلُهُ إجَازَةٌ لَصَحَّ أَيْضًا لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالطَّلَاقِ يَكُونُ بَعْدَ الْعِلْمِ، وَالْإِذْنُ بَعْدَ الْعِلْمِ إجَازَةٌ، فَقَوْلُ النَّهْرِ: وَلَمْ يَقُلْ أَذِنَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَاحْتَاجَ إلَى الْإِجَازَةِ، فِيهِ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ لِلنِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ) يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ الْمَوْقُوفُ أَنَّهُ عَقْدُ فُضُولِيٍّ فَتَجْرِي فِيهِ أَحْكَامُ الْفُضُولِيِّ مِنْ صِحَّةِ فَسْخِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ قَبْلَ إجَازَةِ الْمَوْلَى، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ قَوْلَ الْمَوْلَى طَلِّقْهَا أَوْ فَارِقْهَا لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ لِلْمُتَارَكَةِ: أَيْ فَيَكُونُ رَدًّا. وَيَحْتَمِلُ الْإِجَازَةَ، فَحُمِلَ عَلَى الرَّدِّ لِأَنَّهُ أَدْنَى لِأَنَّ الدَّفْعَ أَسْهَلُ مِنْ الرَّفْعِ، أَوْ لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِحَالِ الْعَبْدِ الْمُتَمَرِّدِ عَلَى مَوْلَاهُ فَكَانَتْ الْحَقِيقَةُ مَتْرُوكَةً بِدَلَالَةِ الْحَالِ بَحْرٌ عَنْ الْعِنَايَةِ. وَعَلَى الثَّانِي يَنْبَغِي لَوْ زَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ فَقَالَ الْمَوْلَى لِلْعَبْدِ طَلِّقْهَا أَنَّهُ يَكُونُ إجَازَةً، إذْ لَا تَمَرُّدَ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَهْرٌ. قُلْت: التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ يَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ فَلَا يَكُونُ إجَازَةً.
(قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ أَجَازَهُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ الْمَقَامِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ رَدٌّ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ، أَنَّ قَوْلَهُ طَلِّقْهَا أَوْ فَارِقْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إجَازَةً فَهُوَ رَدٌّ فَيَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُ الْعَبْدِ حَتَّى لَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْفُضُولِيِّ) أَيْ إذَا قَالَ لَهُ الزَّوْجُ طَلِّقْهَا يَكُونُ إجَازَةً لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّطْلِيقَ بِالْإِجَازَةِ فَيَمْلِكُ الْأَمْرَ بِهِ، بِخِلَافِ الْمَوْلَى، وَهَذَا مُخْتَارُ صَاحِبِ الْمُحِيطِ. وَفِي الْفَتْحِ أَنَّهُ الْأَوْجَهُ وَمُخْتَارِ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَنَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِجَازَةٍ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ إذَا طَلَّقَهَا الزَّوْجُ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ فِي الطَّلْقَةِ الْوَاحِدَةِ، أَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَهِيَ إجَازَةٌ اتِّفَاقًا وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُحَرَّمَ عَلَيْهِ لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ إجَازَةٌ أَوَّلًا ثُمَّ طَلَّقَ اهـ وَبِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ وَإِذْنُهُ لِعَبْدِهِ إلَخْ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي نِكَاحِ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ لَا فَمَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْأَمَةِ وَالْمُعَيَّنَةِ اتِّفَاقٌ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ إذْنِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِنِكَاحِهَا، وَقَيَّدَ بِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِذْنُهُ لِعَبْدِهِ يَدْخُلُ فِيهِ الْإِذْنُ بَعْدَ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْإِذْنَ مَا يَكُونُ قَبْلَ الْوُقُوعِ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَوَطِئَهَا) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ الْمَهْرَ لَا يَلْزَمُ فِي الْفَاسِدِ إلَّا بِهِ ط.
(قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) فَعِنْدَهُمَا الْإِذْنُ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الصَّحِيحَ فَلَا يُطَالَبُ بِالْمَهْرِ فِي الْفَاسِدِ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ.
(قَوْلُهُ تَقَيَّدَ بِهِ) أَيْ وَيُصَدَّقُ قَضَاءً وَدِيَانَةً.