وَلَوْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ مَاءٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ لَمْ يُعْتَبَرْ، وَتَمَامُهُ فِي الْأَشْبَاهِ.
(وَفَرْضُ الْغُسْلِ) أَرَادَ بِهِ مَا يَعُمُّ الْعَمَلِيَّ كَمَا مَرَّ، وَبِالْغُسْلِ الْمَفْرُوضِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ شَرْطِيَّةِ غَسْلِ فَمِهِ وَأَنْفِهِ فِي الْمَسْنُونِ كَذَا الْبَحْرُ، يَعْنِي عَدَمَ فَرْضِيَّتِهَا فِيهِ وَإِلَّا فَهُمَا شَرْطَانِ فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ (غَسْلُ) كُلِّ (فَمِهِ) وَيَكْفِي الشُّرْبُ عَبًّا؛
ــ
رد المحتار
فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ بَعْدَ ذَلِكَ الْحَدَثِ وَشَكَّ فِي انْتِقَاضِهَا لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ الْحَدَثُ الثَّانِي قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا وَإِنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا؛ فَإِنْ كَانَ يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ لِأَنَّهُ مُتَيَقِّنٌ حَدَثًا بَعْدَ تِلْكَ الطَّهَارَةِ وَشَكَّ فِي زَوَالِهِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ الطَّهَارَةُ الثَّانِيَةُ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهُ أَمْ لَا؟ بِأَنْ يَكُونَ وَالَى بَيْنَ الطَّهَارَتَيْنِ. اهـ.
قَالَ الْحَمَوِيُّ: وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي صَاحِبَ الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقُصُورِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ إلَخْ) فِي التَّتَارْخَانِيَّة: مَنْ شَكَّ فِي إنَائِهِ أَوْ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنٍ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ أَوْ لَا فَهُوَ طَاهِرٌ مَا لَمْ يَسْتَيْقِنْ، وَكَذَا الْآبَارُ وَالْحِيَاضُ وَالْجِبَابُ الْمَوْضُوعَةُ فِي الطُّرُقَاتِ وَيَسْتَقِي مِنْهَا الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ وَالْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ؛ وَكَذَا مَا يَتَّخِذُهُ أَهْلُ الشِّرْكِ أَوْ الْجَهَلَةُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَالسَّمْنِ وَالْخُبْزِ وَالْأَطْعِمَةِ وَالثِّيَابِ اهـ مُلَخَّصًا. فَرْعٌ
لَوْ شَكَّ فِي السَّائِلِ مِنْ ذَكَرِهِ أَمَاءٌ هُوَ أَمْ بَوْلٌ. إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْمَاءِ أَوْ تَكَرَّرَ مَضَى وَإِلَّا أَعَادَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ أَحَدُهُمَا فَتْحٌ.
فَرْضُ الْغُسْلِ
مَطْلَبٌ فِي أَبْحَاثِ الْغُسْلِ.
(قَوْلُهُ: وَفَرْضُ الْغُسْلِ) الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ أَوْ لِلْعَطْفِ عَلَى قَوْلِهِ أَرْكَانُ الْوُضُوءِ وَالْفَرْضُ بِمَعْنَى الْمَفْرُوضِ. وَالْغُسْلُ بِالضَّمِّ اسْمٌ مِنْ الِاغْتِسَالِ، وَهُوَ تَمَامُ غَسْلِ الْجَسَدِ، وَاسْمٌ لِمَا يُغْتَسَلُ بِهِ أَيْضًا، وَمِنْهُ فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ " فَوَضَعَتْ لَهُ غُسْلًا " مُغْرِبٌ، لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ بِالْفَتْحِ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ لُغَةً، وَالضَّمُّ هُوَ الَّذِي تَسْتَعْمِلُهُ الْفُقَهَاءُ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ: مَا يَعُمُّ الْعَمَلِيَّ) أَيْ لِيَشْمَلَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ فَإِنَّهُمَا لَيْسَا قَطْعِيَّيْنِ، لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ بِسُنِّيَّتِهِمَا. اهـ. ح.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْوُضُوءِ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ بَيَانَهُ.
(قَوْلُهُ: وَبِالْغُسْلِ الْمَفْرُوضِ) أَيْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ سِرَاجٌ فَأَلْ لِلْعَهْدِ.
(قَوْلُهُ: يَعْنِي إلَخْ) مَأْخُوذٌ مِنْ الْمِنَحِ. قَالَ ط: وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الْفَرْضِيَّةِ أَنَّ صِحَّةَ الْغُسْلِ الْمَسْنُونِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِمَا، وَأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَرْكُهُمَا. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُمَا إذَا تُرِكَا لَا يَكُونُ آتِيًا بِالْغُسْلِ الْمَسْنُونِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَتَى بِسُنَّةٍ وَتَرَكَ سُنَّةً، كَمَا إذَا تَمَضْمَضَ وَتَرَكَ الِاسْتِنْشَاقَ. اهـ.
أَقُولُ: فِيهِ أَنَّ الْغُسْلَ فِي الِاصْطِلَاحِ غَسْلُ الْبَدَنِ، وَاسْمُ الْبَدَنِ يَقَعُ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ إلَّا مَا يَتَعَذَّرُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ أَوْ يَتَعَسَّرُ كَمَا فِي الْبَحْرِ، فَصَارَ كُلٌّ مِنْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ جُزْءًا مِنْ مَفْهُومِهِ فَلَا تُوجَدُ حَقِيقَةُ الْغُسْلِ الشَّرْعِيَّةِ بِدُونِهِمَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي الْبَدَائِعِ ذَكَرَ رُكْنَ الْغُسْلِ وَهُوَ إسَالَةُ الْمَاءِ عَلَى جَمِيعِ مَا يُمْكِنُ إسَالَتُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْبَدَنِ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ، ثُمَّ قَسَّمَ صِفَةَ الْغُسْلِ إلَى فَرْضٍ وَسُنَّةٍ وَمُسْتَحَبٍّ، فَلَوْ كَانَتْ حَقِيقَةُ الْغُسْلِ الْفَرْضَ تُخَالِفُ غَيْرَهُ لَمَا صَحَّ تَقْسِيمُ الْغُسْلِ الَّذِي رُكْنُهُ مَا ذُكِرَ إلَى الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، فَيَتَعَيَّنُ كَوْنُ الْمُرَادِ بِعَدَمِ الْفَرْضِيَّةِ هُنَا عَدَمَ الْإِثْمِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ تَفْسِيرِ الشَّارِحِ لَا عَدَمَ تَوَقُّفِ الصِّحَّةِ عَلَيْهِمَا، لَكِنْ فِي تَعْبِيرِهِ بِالشَّرْطِيَّةِ نَظَرًا لِمَا عَلِمْت مِنْ رُكْنِيَّتِهِمَا فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: غَسْلُ كُلِّ فَمِهِ إلَخْ) عَبَّرَ عَنْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ بِالْغَسْلِ لِإِفَادَةِ الِاسْتِيعَابِ أَوْ لِلِاخْتِصَارِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْوُضُوءِ، وَمَرَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، وَلَكِنْ عَلَى الْأَوَّلِ لَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةِ كُلِّ.
(قَوْلُهُ: وَيَكْفِي الشُّرْبُ عَبًّا) أَيْ لَا مَصًّا فَتْحٌ وَهُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الشُّرْبُ بِجَمِيعِ الْفَمِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِمَا فِي الْخُلَاصَةِ، إنْ شَرِبَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السُّنَّةِ يَخْرُجُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَإِلَّا فَلَا، وَبِمَا قِيلَ إنْ كَانَ جَاهِلًا جَازَ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَلَا: أَيْ لِأَنَّ