لِعَدَمِ الْمَحَلِّيَّةِ (وَبِمُرَافَعَةِ أَحَدِهِمَا لَا) يُفَرَّقُ لِبَقَاءِ حَقِّ الْآخَرِ، بِخِلَافِ إسْلَامِهِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى (إلَّا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَطَلَبَتْ التَّفْرِيقَ فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا) إجْمَاعًا
(كَمَا لَوْ) (خَالَعَهَا ثُمَّ أَقَامَ مَعَهَا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ أَوْ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً فِي عِدَّةِ مُسْلِمٍ) أَوْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ آخَرَ وَقَدْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ يُفَرَّقُ مِنْ غَيْرِ مُرَافَعَةٍ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ
ــ
رد المحتار
حُكْمُ الْبُطْلَانِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِ فَلِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَهَا حُكْمُ الصِّحَّةِ فِي الْأَصَحِّ حَتَّى تَجِبَ النَّفَقَةُ وَيُحَدَّ قَاذِفُهُ إلَّا أَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ وَمَا مَعَهَا تُنَافِي الْبَقَاءَ كَمَا تُنَافِي الِابْتِدَاءَ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ نَهْرٌ. وَفِي أَبِي السُّعُودِ عَنْ الْحَمَوِيِّ قَالَ الْبُرْجَنْدِيُّ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَقَعُ الْبَيْنُونَةُ بِالْإِسْلَامِ. وَقَالَ قَاضِي خَانْ: تَبِينُ بِدُونِ تَفْرِيقِ الْقَاضِي، ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْمَحَلِّيَّةِ) أَيْ مَحَلِّيَّةِ الْمَحْرَمِيَّةِ وَمَا مَعَهَا لِعَقْدِ الزَّوْجِيَّةِ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً، وَهَذَا تَعْلِيلٌ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ وَبِمُرَافَعَةِ أَحَدِهِمَا لَا يُفَرَّقُ) أَيْ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَافَعَا فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا عِنْدَهُ أَيْضًا. لِأَنَّهُمَا رَضِيَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فَصَارَ الْقَاضِي كَالْمُحَكِّمِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ لِبَقَاءِ حَقِّ الْآخَرِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِنَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إسْلَامِهِ) أَيْ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِمَا بِأَنَّهُ يُفَرَّقُ بِمُرَافَعَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ كَمَا يُفَرَّقُ بِإِسْلَامِهِ. وَبَيَانُ الْجَوَابِ عَلَى قَوْلِهِ بِالْفَرْقِ، وَهُوَ أَنَّهُ بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا ظَهَرَتْ حُرْمَةُ الْآخَرِ لِتَغَيُّرِ اعْتِقَادِهِ وَاعْتِقَادُ الْمُصِرِّ لَا يُعَارِضُ إسْلَامَ الْمُسْلِمِ، لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى، بِخِلَافِ مُرَافَعَةِ أَحَدِهِمَا وَرِضَاهُ فَإِنَّهُ لَا أَحَدِهِمَا لَا يُفَرَّقُ ط (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ هَذَا التَّفْرِيقَ لَا يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ حَقٍّ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَ قَاطِعَةٌ لِمِلْكِ النِّكَاحِ فِي الْأَدْيَانِ كُلِّهَا بَحْرٌ
قُلْت: لَكِنَّ الْمَشْهُورَ الْآنَ مِنْ اعْتِقَادِ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنَّهُ لَا طَلَاقَ عِنْدَهُمْ، وَلَعَلَّهُ مِمَّا غَيَّرَهُ مِنْ شَرَائِعِهِمْ
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ خَالَعَهَا) تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ تَفْرِيقٍ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ بَعْدَ مُرَافَعَةِ، لِقَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدُ فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ يُفَرَّقُ مِنْ غَيْرِ مُرَافَعَةٍ ط (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ وَالذِّمِّيُّ يَعْتَقِدُ كَوْنَ الطَّلَاقِ مُزِيلًا لِلنِّكَاحِ وَالْوَطْءُ بَعْدَهُ حَرَامٌ فِي الْأَدْيَانِ كُلِّهَا يَحُدُّونَ بِهِ نَهْرٌ أَيْ بِالْوَطْءِ بَعْدَهُ، وَمَحَلُّ الْحَدِّ إنْ لَمْ يَعْتَقِدْ شُبْهَةَ الْحِلِّ فِي الْعِدَّةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْحُدُودِ وَمِثْلُ هَذَا التَّعْلِيلِ يُقَالُ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ الْآتِيَةِ ط (قَوْلُهُ أَوْ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً فِي عِدَّةِ مُسْلِمٍ) وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ الذِّمِّيُّ مُسْلِمَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً، فَفِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَيُعَاقَبُ إنْ دَخَلَ بِهَا، وَلَا يَبْلُغُ أَرْبَعِينَ سَوْطًا وَتُعَزَّرُ الْمَرْأَةُ وَمَنْ زَوَّجَهَا لَهُ، وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ النِّكَاحِ لَمْ يُتْرَكْ عَلَى نِكَاحِهِ.
تَنْبِيهٌ : قَالَ فِي النَّهْرِ: قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِكَوْنِ الْمُتَزَوِّجِ كَافِرًا لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَوْ تَزَوَّجَ ذِمِّيَّةً فِي عِدَّةِ كَافِرٍ ذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَلَا يُبَاحُ لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا عِنْدَهُ، وَقَالَا النِّكَاحُ بَاطِلٌ، وَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَأَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَخْتَلِفَ فِي وُجُوبِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا فِي حَقِّ الْكَافِرِ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِمْ لَا يَدِينُونَهَا وَبِكَوْنِهِ جَائِزًا عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا بِأَنْ اعْتَقَدُوا وُجُوبَهَا يُفَرَّقُ إجْمَاعًا. قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَيَلْزَمُ فِي الْمُهَاجِرَةِ وُجُوبُ الْعِدَّةِ إنْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَى تَبَايُنِ الدَّارِ الْفُرْقَةُ لَا نَفْيُ الْعِدَّةِ. اهـ. قُلْت: قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ قَدْ يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ مِمَّا لَا يَنْبَغِي، لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا تَجِبُ حَقًّا لِلزَّوْجِ: أَيْ الَّذِي طَلَّقَهَا وَلَا تَجِبُ لَهُ بِدُونِ اعْتِقَادِهِ، وَلِمَا قَدَّمْنَاهُ أَيْضًا عَنْ ابْنِ كَمَالٍ مِنْ اعْتِبَارِ دِينِ الزَّوْجِ خَاصَّةً، وَكَذَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ مِنْ الْكَافِرِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَصْلًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ آخَرَ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَقَامَ مَعَهَا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ آخَرَ حَتَّى تَكُونَ مَسْأَلَةً أُخْرَى وَيَشْكُلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّهُ إذَا تَوَقَّفَ التَّفْرِيقُ فِي الْأُولَى عَلَى طَلَبِ الْمَرْأَةِ يَلْزَمُ أَنْ يَتَوَقَّفَ هُنَا عَلَى طَلَبِهَا