بِسَنَدِهِ إلَى صَاحِبِ الْمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، بِسَنَدِهِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُصْطَفَى الْمُخْتَارِ، عَنْ جِبْرِيلَ، عَنْ اللَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي إجَازَاتِنَا بِطُرُقٍ عَدِيدَةٍ، عَنْ الْمَشَايِخِ الْمُتَبَحِّرِينَ الْكِبَارِ.
وَمَا كَانَ فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ لَمْ أَعْزُهُ إلَّا مَا نَدَرَ، وَمَا زَادَ وَعَزَّ نَقْلُهُ عَزَوْتُهُ لِقَائِلِهِ وَمَا لِلِاخْتِصَارِ، وَمَأْمُولِي مِنْ النَّاظِرِ فِيهِ أَنْ يَنْظُرَ بِعَيْنِ الرِّضَا وَالِاسْتِبْصَارِ، وَأَنْ يَتَلَافَى تَلَافَهُ
ــ
رد المحتار
قُلْت: وَمِنْ تَآلِيفِهِ شَرْحٌ عَلَى الْمَنَارِ وَمُخْتَصَرُ التَّحْرِيرِ لِابْنِ الْهُمَامِ وَتَعْلِيقَةٌ عَلَى الْهِدَايَةِ مِنْ الْبُيُوعِ وَحَاشِيَةٌ عَلَى جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَلَهُ الْفَوَائِدُ وَالْفَتَاوَى وَالرَّسَائِلُ الزَّيْنِيَّةُ. وَمِنْ تَلَامِذَتِهِ أَخُوهُ الْمُحَقِّقُ الشَّيْخُ عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ صَاحِبُ النَّهْرِ (قَوْلُهُ: بِسَنَدِهِ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ رَاوِيًا ذَلِكَ بِسَنَدِهِ، وَقَدَّمْنَا تَمَامَ السَّنَدِ (قَوْلُهُ: الْمُصْطَفَى) مِنْ الصَّفْوَةِ: وَهُوَ الْخُلُوصُ. وَالِاصْطِفَاءُ: الِاخْتِيَارُ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُصْطَفَى إلَّا إذَا كَانَ خَالِصًا طَيِّبًا، وَقَوْلُهُ: الْمُخْتَارِ بِمَعْنَاهُ وَهَذَانِ اسْمَانِ مِنْ أَسْمَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ) حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ بِسَنَدِهِ (قَوْلُهُ: عَنْ الْمَشَايِخِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٌ مِنْ إجَازَتِنَا: أَيْ الْمَرْوِيَّةِ عَنْهُمْ أَوْ بِإِجَازَاتِنَا لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى رِوَايَاتِنَا. وَمِنْ جُمْلَةِ مَشَايِخِهِ الْقُطْبُ الْكَبِيرُ وَالْعَالِمُ الشَّهِيرُ سَيِّدِي الشَّيْخُ أَيُّوبُ الْخَلْوَتِيُّ الْحَنَفِيُّ
(قَوْلُهُ: فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ) كِلَاهُمَا لِمُنْلَا خُسْرو وَالدُّرَرُ هُوَ شَرْحُ الْغُرَرِ (قَوْلُهُ: لَمْ أَعْزُهُ) أَيْ لَمْ أَنْسُبْهُ، مِنْ عَزَا يَعْزُو وَاسْمُ الْمَفْعُولِ مِنْهُ مَعْزُوٌّ كَمَدْعُوٍّ بِالتَّصْحِيحِ أَرْجَحُ مِنْ مَعْزِيٍّ بِالْإِعْلَالِ. قَالَ فِي الْأَلْفِيَّةِ:
وَصَحِّحْ الْمَفْعُولَ مِنْ نَحْوِ عَدَا ... وَاعْلُلْهُ إنْ لَمْ تَتَحَرَّ الْأَجْوَدَا
وَيُرْوَى بِالْوَجْهَيْنِ قَوْلُ الشَّاعِرِ
أَنَا اللَّيْثُ مَعْدِيًّا عَلَيْهِ وَعَادِيًا
وَالثَّانِي هُوَ الْجَارِي عَلَى أَلْسِنَةِ الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ: مَا زَادَ وَعَزَّ نَقْلُهُ) أَيْ وَمَا زَادَ عَلَى مَا فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ وَعَزَّ نَقْلُهُ فِي الْكُتُبِ الْمُتَدَاوَلَةِ عَزَوْته لِقَائِلِهِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَمَا زَادَ عَنْ نَقْلِهِ، أَيْ وَمَا زَادَ عَنْ الْمَنْقُولِ فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ، فَعَنْ بِمَعْنَى عَلَى وَالْمَصْدَرُ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: وَمَا) أَيْ قَصْدًا لِلِاخْتِصَارِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَمْ أَعْزُهُ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى كَثْرَةِ نَقْلِهِ عَنْ الدُّرَرِ وَمُتَابَعَتِهِ لَهُ كَعَادَةِ الْمُصَنِّفِ فِي مَتْنِهِ وَشَرْحِهِ، وَهُوَ بِذَلِكَ حَقِيقٌ فَإِنَّهُ كِتَابٌ مَبْنِيٌّ عَلَى غَايَةِ التَّحْقِيقِ (قَوْلُهُ: وَمَأْمُولِي) مِنْ الْأَمَلِ وَهُوَ الرَّجَاءُ (قَوْلُهُ: مِنْ النَّاظِرِ) أَيْ الْمُتَأَمِّلِ. قَالَ الرَّاغِبُ: النَّظَرُ قَدْ يُرَادُ بِهِ التَّأَمُّلُ وَالتَّفَحُّصُ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْمَعْرِفَةُ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ الْفَحْصِ، وَاسْتِعْمَالُ النَّظَرِ فِي الْبَصِيرَةِ أَكْثَرُ عِنْدَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ بِالْعَكْسِ اهـ وَتَمَامُهُ فِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي شَرْحِي هَذَا (قَوْلُهُ: بِعَيْنِ الرِّضَا) أَيْ بِالْعَيْنِ الدَّالَّةِ عَلَى الرِّضَا، وَلَا يَنْظُرُ بِعَيْنِ الْمَقْتِ، فَإِنَّ مَنْ نَظَرَ بِهَا تَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ بَاطِلًا، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
وَعَيْنُ الرِّضَا عَنْ كُلِّ عَيْبٍ كَلِيلَةٌ ... كَمَا أَنَّ عَيْنَ السُّخْطِ تُبْدِي الْمَسَاوِيَا
أَوْ أَنَّهُ شَبَّهَ الرِّضَا بِإِنْسَانٍ لَهُ عَيْنٌ تَشْبِيهًا مُضْمَرًا فِي النَّفْسِ وَذِكْرُ الْعَيْنِ تَخْيِيلٌ ط (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِبْصَارِ) السِّينُ وَالتَّاءُ زَائِدَتَانِ: أَيْ وَالْإِبْصَارِ، وَالْمُرَادُ بِهِ التَّبَصُّرُ وَالتَّأَمُّلُ ط (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَتَلَافَى) أَيْ يَتَدَارَكَ. فِي الْقَامُوسِ: تَلَافَاهُ تَدَارَكَهُ (قَوْلُهُ: تَلَافَهُ) الَّذِي فِي الْقَامُوسِ وَجَامِعِ اللُّغَةِ وَلِسَانِ الْعَرَبِ: التَّلَفُ الْهَلَاكُ، وَلَمْ يَذْكُرُوا التَّلَافَ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. ح. وَوَقَعَ التَّعْبِيرُ بِهِ لِغَيْرِ الشَّارِحِ كَالْإِمَامِ عُمَرَ بْنِ الْفَارِضِ قَدَّسَ سِرَّهُ فِي قَصِيدَتِهِ الْكَافِيَةِ بِقَوْلِهِ:
وَتَلَافِي إنْ كَانَ فِيهِ ... ائْتِلَافِي بِك عَجِّلْ بِهِ جُعِلْت فِدَاكَا
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْأَلْفَ إشْبَاعٌ وَهُوَ لُغَةُ قَوْمٍ ط. وَفَسَّرَ الْعَلَّامَةُ الْبُورِينِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى دِيوَانِ ابْنِ الْفَارِضِ التَّلَافَ